حتى لا أتهم بالتعصب والتعنصر والتحيز للجنس الذكوري الذي شاءت الأقدار أن أنتمي إليه بلا اختيار مني أو من أبوي فإني أسلم وبكل قواي العقلية أن المرأة التي هي الأم والزوجة والأخت والابنة والزميلة هي شريكة في الحياة مع الرجل بلا أدنى تمييز وهي تعرضت ومازالت تتعرض إلى ظلم كبير من قبل مجتمعاتنا في النظرة الدونية والتهميش وسلب الحقوق المنصوص عليها وفي التعامل معها كجسد جاذب للشهوات وليس كإنسان والمرأة نفسها تنصاع لهذا الواقع وتسلم له وتساهم فيه والذي يسعى إليه الرجل.
عندما ترضخ وتستسلم لفكرة أنها مجرد جسد فينصب كل تفكيرها في هذا الجسد وجماله وماذا يرتدي وكيف يبدو وعملية تحسينه وتلميعه وتنميقه ليعجب الرجل وينجذب إليها أي إلى جسدها فقط فنما هذا الواقع في لا وعي أغلب النساء وساعد على هذا الفهم ورسخه هو تعامل الإعلام المرئي السينما والبرامج التلفزيونية والأدب والشعر والقصة والروايات مع المرأة بهذه الصفة فلا تلتفت إلى أي منتج أدبي أو أعلامي إلا والمرأة فيه هي جسد ووعاء لتفريغ شهوة الرجل ورفيقة هامشية حتى أن بعض هذا النوع من المنتج الأدبي كان من قبل نساء أنفسهن.
أما الأفلام السينمائية فأدوارها هامشية فالمرأة فيها هي جسد يتعرى ليستمتع به الرجل ويفرغ شهواته وإذا أراد القائمون على الأفلام أن يركزوا الضوء على المرأة سلبوها أنوثتها وجعلوها رجلاً خارقاً بجسد امرأة، وفي الإعلانات قبلت المرأة أن تكون هي السلعة التي تروج إلى سلعة أخرى وحتى المنظمات التي توسم بالدفاع عن حقوق المرأة أغلبها تركز على تحرر المرأة من القيود على الجسد وهي بهذه الطريقة ترسخ هذا المفهوم وتختزل المرأة في هذا الجسد لا غير دونما السعي لإخراجها من قمقم المرأة إلى أفق الإنسانية.
فالمرأة الإنسانة هي غائبة عن الساحة ومنزوية بإرادتها أو بتخطيط من غيرها، في استقراء بسيط لحصر واقع عدد النساء في مجال الفكر والعلم والإبداع والإنتاج والمشاركة مع رفيقها الرجل في كل صفحات الحياة نجد نسبتها ضئيلة ولا تكاد تُحسب مقارنة بالرجل ووجوده المهيمن فيها، حتى في الساحة السياسية عندما شاركت المرأة في الانتخابات أعطوها حصة مضمونة وسقفاً للتمثيل فيما تسمى «الكوتة» لتكون منة من الرجل تفضل بها على المرأة ليوجد لها تمثيلاً خجولاً ورمزياً وهامشياً في المشاركة السياسية، الكرة اليوم في ساحة المرأة لتعرف ما هي وماذا تريد وأين يراد بها.
علي فاهم
جريدة الوسط – العدد ٤٢٠٢ – يوم الأثنين الموافق ١٠ مارس ٢٠١٤