حذر الأطباء المقيمون بقسم أمراض النساء والولادة بمجمع السلمانية الطبي من «انهيار» تام للقسم نتيجة الضغوطات الكبيرة التي يعملون في ظلها وعدم تجاوب وزارة الصحة مع مطالبهم.
وتحدث الأطباء في رسالة أرسلوها إلى الوزارة عن معاناتهم من تعب نفسي وذهني وجسدي نتيجة لزيادة حجم وأعباء العمل المطلوب القيام به شاملا الفترة الصباحية والمناوبات الليلة مع وجود نقص شديد ومستمر في عدد الأطباء المقيمين بالقسم مع عدم وجود بديل طيلة السنوات الأربع الماضية، مشيرين إلى تزايد الحالات المترددة على مستشفى السلمانية وهي في أغلبها حالات حرجة وطارئة وخصوصا أن المستشفى هو الوحيد الذي يستقبل الحالات من جميع محافظات المملكة.
وأوضح الأطباء في رسالتهم التي أرسلوا نسخة منها إلى جمعية الأطباء البحرينية بعد عدم حصولهم على رد من وزارة الصحة أن المشكلة بدأت في آخر أربع سنوات عندما شهد القسم تراجعا كبيرا في عدد الأطباء المقيمين ذوي الخبرة في التخصص، حيث أنهى أكثر من عشرين طبيبا خدمتهم بالمجمع لأسباب مختلفة، ليتجاوز النقص 50%، فيما عدد من الأطباء الباقين هن إناث يذهب وقتهن ما بين حمل وساعات رضاعة، ذلك فيما كان التعويض في هذه الفترة الحرجة بأربعة أطباء متدربين ثلاثة منهم طلبوا التحويل إلى أقسام أخرى.
وقال الأطباء: «نحن نغطي مجمع السلمانية الطبي ومستشفى جد حفص للولادة، ونحتاج إلى عشرة أطباء يوميا للمناوبة الليلية، في مستشفى جد حفص يتم تغطية حالات المخاض والعمليات القيصرية بالإضافة إلى الحالات التي تتحول من مستشفيات أخرى وذلك كله بطبيبين مقيمين فقط يعملان مدة 17 ساعة متواصلة إضافية بعد عملهم الصباحي، إذا يتوجب عليهم الدوام بشكل كامل في اليوم التالي حتى الساعة الثانية ظهرا، فإجمالي عدد ساعات العمل المواصلة في المناوبة 32 ساعة ونادرا ما يتخللها ساعتا راحة، أما في مجمع السلمانية الطبي يقسم العمل إلى طوارئ النساء والولادة وحالات الولادة والإجهاض والعمليات الطارئة ويقع كل ذلك على عاتق سبعة أطباء».
وذكر الأطباء أن قسم طوارئ النساء والولادة في مجمع السلمانية يستقبل يوميا نحو 150 حالة أو أكثر منها بسيطة أو حرجة أو في حالة مخاض، إضافة إلى المرضى المحوَّلين من المراكز الصحية والمستشفيات والعيادات الخاصة، وفي الأوقات التي تكون فيها أزمة أسرِّة بالمجمع حتى حالات الولادة تتم في المكان غير المخصص لذلك، وللأسف طبيبان مقيمان يقومان بمعاينة وتشخيص وعلاج هذه الحالات مدة 24 ساعة والمطوب منهم العمل بكفاءة وحرفية.
وتابعوا أنه مما يخيب الآمال أن طوارئ النساء والولادة لا يعتمد على نظام المناوبات المعتمدة في أقسام الطوارئ الأخرى كالطوارئ العام وطوارئ الأطفال وكذلك لا يوجد تصنيف للمرضى لتسهيل المعاينة والعلاج كما هو معمول به في المؤسسات الصحية الأخرى التابعة لوزارة الصحة كالمراكز الصحية وهذا يشكل عبئا كبيرا على الطبيب المناوب مما يقل من كفاءة العمل والاهتمام بالحالات الحرجة.
وقال الأطباء في رسالتهم إن غرفة الولادة والعمليات تستقبل يوميا ما بين 20 إلى 30 حالة، ما بين حالة مخاض وحالات حرجة أو ولادة مبكرة أو حالات سكلر حرجة، وهذا الضغط في العمل يتكرر يوميا صباحا ومساء بالإضافة إلى العمليات القيصرية التي تتراوح ما بين ثماني إلى عشر حالات، وكل هذا على عاتق ثلاثة أو أربعة أطباء مقيمين، ومعظم حالات الولادة تتطلب وجود الطيب مع القابلة القانونية لقلة الخبرة أو حساسية الحالات التي تدخل المجمع.
وذكر الأطباء أن الحالات النسائية الطارئة يتم تشخيصها وأجراؤها بالمناوبين تندرج ما بين حالات اجهاض وهي ما بين ثلاث إلى خمس حالات يوميا وحالات الحمل خارج الرحم التي تتطلب خاصية عالية في التشخيص والعلاج وقد تتطلب إجراء عملية طارئة للمريضة وكذلك حالات أكياس المبايض وهذه الحالات تتراوح ما بين 1 إلى 3 حالات يوميا، والصعوبة في العمليات النسائية تكمن في التنسيق مع غرفة العمليات والتخدير الذي يشكل عبئا جديا على الأطباء المقيمين وذلك لكثرة الحالات والتنسيق بينهما.
وأوضح الأطباء أن قسم النساء والولادة يحتوي على ستة أجنحة تضم 106 أسرّة وفي أغلب أوقات السنة تكون الحالة الاستيعابية 100% وتندرج حالتها ما بين العادة و الحرجة ومنها حالات الطلق الصناعي التي تتطلب متابعة من الطبيب المقيم وحالات العمليات التي تتطلب من الأطباء المقيمين أن يعاينوها أثناء المناوبات الليلة لأخذ الموافقة وتجهيز المرضى للعمليات في صباح اليوم التالي، كما أنه من الملزم أن يتم المرور على الأجنحة ليلا لإتمام إجراءات المرضى وفحصهم وعمل الأشعة فوق الصوتية لبعض الحالات.
واختتم الأطباء رسالتهم بالقول: «مع كل هذا الجهد والتعب لا نلقى شكرا ولا تقديرا وإنما نقابل باللوم والتوبيخ مع ضعف التدريب وليس لنا حق الذهاب لأي مؤتمر أو ورشة عمل على حساب الوزارة إلا من رحم ربي»، وذكروا أن وزارة الصحة مازالت تماطل في الإجابة على رسالتهم وتلبية مطالبهم، وأعربوا عن أملهم بأن ترى رسالتهم من المعنيين «الاهمام والعمل بجديدة لحل الأزمة الراهنة في القسم بالسرعة الممكنة قبل أن يتهاوى ويتساقط الباقي من الأطباء المقيمين من التعب والإرهاق».
من جانبها قالت رئيسة جمعية الأطباء الدكتورة مها الكواري إن خطورة الوضع في قسم الولادة بمجمع السلمانية مضاعفة، لأنها تطول الأم والجنين أو المولود في وقت واحد، وأضافت أنها طلبت مقابلة وزير الصحة للغرض ذاته لكنها لم تتلق ردا حتى الآن، وحذَّرت من أن المماطلة في تلبية مطالب هؤلاء الأطباء قد تؤدي إلى وقوع ما لا يحمد عقباه.
وأعربت الدكتورة الكواري عن استغرابها من عدم تجاوب وزارة الصحة مع مطالب الجمعية بتحسين بيئة عمل الأطباء، وقالت: «الأمر لا يتعلق بالأطباء فقط، وإنما بأرواح الناس أيضا»، وتساءلت «أين ما تحدثت عنه وزارة الصحة بشأن تعاقدها مع أطباء من الخارج لتخفيف الضغط على الأطباء العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية؟!».
وقالت رئيسة الجمعية «عندما يقع خطأ طبي يتم فورا إلقاء اللوم كاملا على الطبيب، فيما من الأجدر بنا تطبيق مبدأ الوقاية قبل العلاج، والوقاية تكون هنا عبر تهيئة بيئة سليمة يستطيع فيها الطبيب إعطاء أفضل ما لديه بما يؤثر إيجابا على الخدمات المقدمة لمراجعي المستشفيات والمراكز الصحية».
جريدة اخبار الخليج – العدد ١٣١٢١ – يوم الأثنين الموافق ٢٤ فبراير ٢٠١٤