جميعنا قرأ وسمع أن مملكة البحرين وقعت على الاتفاقية الفلانية أو العهد الدولي الفلاني ولكن أغلبنا يعتقد ان الامر ينتهي عند ذلك. ان التصديق على أية اتفاقية يعقبه الكثير من الالتزامات التي على مملكة البحرين وغيرها من الدول الالتزام بها عند التصديق مثل تغيير العديد من القوانين المحلية لتتواءم مع تنفيذ الاتفاقية وبعض الاحيان يصل الموضوع لتغيير بعض بنود الدستور كما يتطلب تنفيذ الاتفاقيات تغيير كل اللوائح الداخلية للمؤسسات والجهات الحكومية المعنية بالاتفاقية وقد يتطلب الموضوع كتابة تقرير سنوي يقدم للجنة المسؤولة عن متابعة تنفيذ الاتفاقية من الأمم المتحدة او حسب ما تم الاتفاق عليه بين الموقعين.
والاتفاقية الاممية كاتفاقية مناهضة كل اشكال التمييز ضد المرأة “السيداو” لا تختلف عن ذلك حيث تطلب التصديق عليها مجموعة من الاجراءت لإنفاذها وتطبيقها ومن بينها تغيير في القوانين المحلية بحيث تصبح الاتفاقية قانونا ملزما وهذا ما قامت به مملكة البحرين حيث وفقا لنص المادة “37” من الدستور تعتبر الاتفاقية قانونا وطنيا بمجرد الانضمام اليها او التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية. واستعانت المحكمة الدستورية بالاتفاقية للموافقة على تشكيل الاتحاد النسائي من مجموعة من الجمعيات الاهلية النسائية. والذي اعتبرته مملكة البحرين انتصارا للمرأة وتأكيدا على حقوقها. ومن الاجراءات الاخرى للتنفيذ، تشكيل المجلس الاعلى للمرأة لكتابة التقارير الدورية التي توضح مدى التزام الدولة بالاتفاقية وتنفيذ بنودها لتقديمها للجنة القضاء على التمييز في الامم المتحدة لمناقشتها ووضع ملاحظاتها وتوصياتها. ويقابل التقرير الرسمي التقرير الأهلي الذي يعد من الجمعيات الأهلية النسائية – الحقوقية – والمنظمات الأخرى المعنية مقابل التقرير الرسمي حتى تستطيع اللجنة اعطاء ملاحظاتها وتوصياتها بموضوعية وإعطاء فرص متساوية للجميع لعرض ملاحظاتهم ورؤاهم المستقبلية. وذلك احد اهم بنود تنفيذ الاتفاقية.
ويصادف 8 فبراير مناقشة التقرير الرسمي والأهلي حيث غادر اغلب المعنيين البحرين متوجهين الى جنيف لعرض تقاريرهم سواء الوفد الرسمي او الوفود الأهلية وذلك بدعوة من الجهات المسؤولة بالأمم المتحدة او من بعض المنظمات الدولية المعنية.
وستقدم مملكة البحرين التقرير الرسمي الثالث حيث تمت مناقشة التقريرين الأول والثاني في العام 2008. ولعل الزوبعة الاعلامية التي نراها هذه الفترة حول التقريرين الرسمي والأهلي حالة طبيعية، فليس من المتوقع ان يكون التقرير الأهلي نسخة عن التقرير الرسمي وإلا فقد التقريران مصداقيتهما، حيث الاختلاف علامة على وعي متقدم وعلامة على وضع صحي في تناول تنفيذ الاتفاقية والاهتمام بتنفيذها. وعلامة على الاستقلالية وعدم هيمنة الجانب الرسمي على قرار الجانب الاهلي. ولا اجد الهجوم على الجانب الاهلي لمجرد تطرقه لموضوعات محل خلاف هو التصرف الديمقراطي المطلوب حيث احترام الرأي الآخر من اهم اعمدته. والرد عليه يجب ان يكون امام اللجنة بحيث يقدم كل طرف ادلته الموضوعية والحية على ما يدعيه سواء كان ما يتبناه ايجابيا ام سلبيا. خصوصا أن جميع التقارير التي قدمت للجنة التمييز هي الآن على موقع الامم المتحدة.
لقد كانت البحرين دائما فخورة بجمعياتها النسائية التي تعبر عن تاريخ طويل من الوعي الاجتماعي والمجتمع الذي يقوم على احترام المنظمات الأهلية ويدعمها.
جريدة البلاد – العدد ١٩٤٣ – يوم السبت الموافق ٨ فبراير ٢٠١٤