الوسط – أماني المسقطي
قال الاتحاد النسائي البحريني إنه في الوقت، الذي تتطلع فيه النساء البحرينيات إلى القضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة بموجب اتفاقية وقف كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي وقّعت عليها البحرين، إلا أن المفاجئ -بحسب الاتحاد- هو ظهور أنواع جديدة من العنف ضد النساء بسبب الرأي والمشاركة في الاعتصامات والتظاهرات، ناهيك عن اتساع رقعة الاتجار بالنساء، واستمرار التمييز بين النساء والرجال في مجال المشاركة السياسية ومواقع اتخاذ القرار ومنح الجنسية للأبناء من الزوج الأجنبي.
جاء ذلك في تقرير الظل، الذي قدمه الاتحاد النسائي، إلى اللجنة المعنية باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التابعة للأمم المتحدة بجنيف، بمناسبة مناقشتها لتقرير البحرين الدوري الثالث بشأن الاتفاقية في (11 فبراير/ شباط 2014).
الحقوق والحريات
وتطرق الاتحاد النسائي في تقريره إلى العنف الموجه ضد المرأة في ظل الأحداث السياسية، إذ جاء في التقرير: «على الرغم من أن المادة الثالثة من اتفاقية (سيداو) كفلت للمرأة ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها، إلا أنه في ظل الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد ابتداءً من فبراير/ شباط 2011، وحتى اليوم، رافقها عنف ضد المرأة في مختلف المواقع والحالات على خلفية التعبير عن الرأي والمشاركة في التظاهرات والاعتصامات».
وتابع التقرير «من بين أعمال العنف التي طالت المرأة، هي القتل بالرصاص، والوفاة بسبب استنشاق الغازات السامة، والممارسة المهينة للمرأة أثناء القبض عليها، وانتزاع الأطفال من أسرهم، والتهديدات بالاغتصاب. كما أن اعتقال النساء والتحقيق معهن لا زال مستمراً حتى اليوم، وخصوصاً بالنسبة للناشطات السياسيات، وكذلك الفصل والتوقيف عن العمل، وفصل الطالبات من الجامعات، وسحب الجنسية، والحرمان من البعثات، وذلك بسبب التعبير عن الرأي».
كما انتقد التقرير المادة «353» من قانون العقوبات، والتي تسمح للجاني في جرائم هتك العرض بالزواج من الضحية للهروب من عقوبته، وبعدها تطليق المرأة في حال شاء ذلك، وهو ما يترتب عليه -بحسب التقرير- ضياع حق المرأة في حمايتها من جرائم العنف والجرائم الجنسية.
وانتقد كذلك ما وصفه بـ «التضييق» الممارس من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، بموجب قانون الجمعيات الأهلية، والذي اعتبره يحد من مساحة الحرية المسموح بها للجمعيات، وخصوصاً في الجانب المالي، ناهيك عن عدم تضمين القانون ما ينص على تخصيص موارد مالية لهذه الجمعيات.
وبموجب ذلك، أوصى الاتحاد في تقريره، بتشديد العقوبات على موظفي إنفاذ القانون الذين يمارسون العنف ضد النساء بشكل رسمي منظم لإنهاء ظاهرة تعذيب النساء والتهديد باغتصابهن، وتوفير التعويضات العادلة والمنصفة والشاملة لكل النساء اللواتي تعرضن لأي شكل من أشكال العنف بسبب الرأي ورد اعتبارهن، وتعديل المادة «353» من قانون العقوبات، وتعديل قانون الجمعيات بما يسمح بمزيد من مساحة حرية عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، لما من شأنه أن يعزز دور منظمات المجتمع المدني في حماية حقوق المرأة.
المشاركة في الحياة السياسية والعامة
وأشار الاتحاد النسائي في تقريره، إلى أنه وعلى الرغم مما نصت عليه اتفاقية «سيداو» من مساواة المرأة بالرجل، في الحق بالتصويت والمشاركة في الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني، ناهيك عما نص عليه الدستور على هذا الصعيد، إلا أن مشاركة المرأة ووصولها البرلمان مقيد لأسباب عدة.
وهي الأسباب التي لخصها الاتحاد في سيطرة الإسلام السياسي على النسبة الأكبر من مقاعد المجلس التشريعي، والاستفادة من أصوات النساء وعدم تبنيهن كمرشحات، وقلة الدعم المالي للنساء المرشحات، وعدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات قانونية تدعم زيادة تمثيل النساء في مجلس النواب، وعدم اعتماد نظام القوائم الانتخابية للترشيح بدلاً من الصوت الواحد المعتمد لكل دائرة انتخابية ما يقلل فرص المرأة في الفوز، وعدم إلزام الجمعيات السياسية بإيجاد حصص نسائية في قوائمهم الانتخابية.
واعتبر الاتحاد كذلك أن المادة «18» من قانون الجمعيات الأهلية التي تمنع مؤسسات المجتمع المدني من الاشتغال في السياسية، لا تخدم مشاركة المرأة بصورة فاعلة، وأن القانون ذاته أثّر بشكل سلبي على العمل النسائي، خصوصاً في انتخابات 2006 و2010 النيابية.
وأوصى الاتحاد في هذا الصدد، بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحياة السياسية، بحسب المادة الرابعة من اتفاقية «سيداو»، بتطبيق نظام «الكوتا» من خلال تحديد نسبة 30 في المئة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية المنتخبة والمعينة، وفي كافة مراكز اتخاذ القرار في السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وأوصى كذلك بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بما يلزم الجمعيات السياسية بتخصيص 30 في المئة من النساء ضمن قوائمها الانتخابية، وتعديل قانون الانتخابات، بحيث تصبح الانتخابات بناء على القائمة النسبية المغلقة، وتكون النساء في الأسماء الأولى من كل قائمة انتخابية، وحذف المادة «18» من قانون الجمعيات لتمكينها من دعم ومساندة المرأة سياسياً.
الأحوال الشخصية
وذكر الاتحاد النسائي في تقريره، أن منظمات المجتمع المدني لا ترى أن الدولة تبذل أي جهد حقيقي للإيفاء بتعهداتها المتعلقة بإيجاد التوافق المجتمعي لصدور الشق الجعفري من قانون الأحوال الشخصية، أسوة بالقانون بشقه السني، متذرعة بحساسية الملف، وما يمكن أن يثير طرحه من مشكلات.
وجاء في التقرير «لا زال غياب القانون بشقه الجعفري يشكل تمييزاً صارخاً ضد النساء البحرينيات من الطائفة الجعفرية، إذ تعانين في المحاكم الشرعية من اختلاف الآراء الفقهية، وعدم وجود نصوص موحدة للتقاضي فيما يتعلق بالطلاق وحقوق الحضانة والنفقة ومجمل العلاقات الأسرية».
وتابع التقرير «واجهنا صعوبة في الحصول على إحصاءات وأرقام بشأن قضايا الزواج والطلاق في المحاكم الشرعية، ما يعزز صعوبة تقييم وضع النساء في هذه المحاكم».
وعلى ضوء ذلك، أوصى الاتحاد بإصدار قانون الأحوال الشخصية بشقه الثاني، شرط أن يكون قانوناً عادلاً يحقق المساواة والإنصاف للنساء في كافة مراحل التقاضي، والعمل والتنسيق والتشاور بين الحكومة والاتحاد النسائي فيما يخص إصدار القسم الثاني من القانون وجميع القضايا التي تعاني منها المرأة في المحاكم.
محور العنف
وأكد تقرير الاتحاد النسائي أن الإحصاءات الصادرة عن مراكز الاستشارات الأسرية والدعم القانوني التابعة للجهات الرسمية والجمعيات النسائية، تكشف عن استمرار ظاهرة العنف ضد المرأة بأشكاله المختلفة في إطار الأسرة، والمسكوت عنه بسبب العادات والتقاليد والتفسيرات الذكورية للنصوص الدينية.
ولفت التقرير إلى أن الكثير من حالات العنف الأسري لا تلجأ إلا المراكز الاستشارية وتفضّل السكوت حفاظاً على كيان الأسرة والأطفال أو خوفاً من الطلاق أو نظرة المجتمع، وعدم مساندة الأهل الذين يفضّلون أن تتحمل الزوجة العنف الواقع عليها صوناً لأطفالها ولوضعها العائلي، أو أن يحل الموضوع في إطار التدخل الأسري.
واعتبر الاتحاد أن عدم وجود قانون للحماية من العنف الأسري، إضافة إلى عدم وجود قانون للأحوال الشخصية بشقه الجعفري، أهم العوامل الرئيسية المساعدة على استشراء ظاهرة العنف الموجه للنساء في إطار الأسرة، إذ يغيب الرادع القانوني للمتسببين في إيقاع العنف.
وأوصى الاتحاد على ضوء ذلك، بضرورة الإسراع في إصدار قانون الحماية من العنف الأسري، وتبني الدولة لخطط معلنة ومستمرة لمناهضة العنف الأسري والتوعية المجتمعية بشأنه.
عمل المرأة
وتطرق التقرير إلى التمييز، الذي يمارس بحق المرأة البحرينية في مجال العمل، بما يخالف المادة «11» من اتفاقية «سيداو»، وخصوصاً على صعيد عدم تطبيق قانون العمل من قبل نسبة كبيرة من الشركات، والتمييز في التوظيف في صفوف النساء وفي متوسط الأجور. كما انتقد التقرير تدني مشاركة المرأة في العمل النقابي وبشكل كبير، بسبب ما يواجهه النقابيون من فصل ومضايقات بسبب نشاطهم النقابي، إضافة إلى الموروث الثقافي والاجتماعي، الذي يصوّر العمل النقابي على أنه حكراً بالذكور، وفقاً لما ورد في التقرير. وأشار كذلك إلى عدم وجود حد أدنى لعاملات رياض الأطفال، ناهيك عن عدم وجود عقود عمل موحدة، وغياب المظلة القانونية التي تنظم العلاقة بينهم وبين أصحاب العمل، وعدم وجود رقابة فعلية من قبل وزارتي العمل أو التربية والتعليم على رياض الأطفال والظروف التي يعملن بها.
وبموجب ذلك، أوصى الاتحاد في تقريره بإيجاد آلية للتطبيق الفعلي لما جاء في بنود قانون العمل الخاصة بالعمالة المنزلية، وتدشين برامج تعريفية وتوعوية بقانون العمل، والتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم «189» بشأن العمل اللائق لخدم المنازل، وتعديل وضع عاملات رياض الأطفال، والعمل على إيحاد قوانين لحماية المرأة من التحرش الجنسي في العمل، وتعديل المادة «55/أ» من قانون الأحوال الشخصية، باتجاه إلغاء تقييد عمل المرأة بموافقة الزوج.
الاتجار بالنساء
كما تطرق الاتحاد النسائي في تقريره إلى المشكلات التي تتعرض لها عاملات المنازل، وخصوصاً الانتهاكات الجنسية والجسدية، وحجز الوثائق الرسمية، وعدم دفع الرواتب لمدد طويلة، وحرمانهن من الإجازة الأسبوعية، ما يدفع عدداً منهن للهروب من منزل المخدومين ليقعن ضحايا شبكات الدعارة، وعدم كفاية ما يقدمه مأوى دار الأمان لاحتياجات ضحايا التجار.
وأشار إلى أنه وعلى الرغم من أن قانون العمل الجديد يعطي خادمات المنازل حقوقاً لم تكن موجودة في القانون السابق، إلا أن القانون لم يطبق على أرض الواقع بالنسبة لهذه الفئة بعد، ولم تتحدث الجهة الرسمية عن هذه المواد بالنسبة لهذه الفئة من العمالة، ناهيك عن عدم علم أصحاب العمل بهذا القانون وتطبيقاته، وعدم علم العمالة المقصودة شيئاً عن القانون.
وجاء في التقرير «برزت مؤخراً ظاهرة (الفري فيزا)، وعلى الرغم من عدم قانونيتها، إلا أنها منتشرة بصورة واسعة، وقد ساعد ذلك على استغلال هؤلاء النساء في شبكات الدعارة من قبل متعهدين آسيويين ومواطنين».
وتابع التقرير «في جانب الاتجار الجنسي بالنساء، تبرز قضية أخرى ذات علاقة وثيقة بالاتجار بالبشر لا تُفرد لها إحصاءات خاصة ضمن تصنيفات العمالة الوافدة، وهي ما تسمى بـ (Artist Visa)، تُعطى للفنادق لاستقدام فتيات من بلدان عربية وآسيوية للعمل في مجال الترفيه والفن، والذي يرتكز في الواقع على ممارسة الدعارة، وهي محددة بثلاثة أشهر، تخرج بعدها الفتاة إلى بلد خليجي آخر لفترة وتعود مرة أخرى». وفي المحور المتعلق بالاتجار بالنساء، أوصى الاتحاد بإجراء تحقيق شامل للمتاجرين بالتأشيرات في السوق السوداء، وأن يُعاقب الجناة بشدة من أجل منع استمرار انتشار هذه الممارسة، وإيجاد ترجمة رسمية باللغة الإنجليزية لقانون العمل الجديد، وأن تضع حكومة البحرين برنامجاً لتوعية عاملات المنازل بحقوقهن التي يكفلها القانون.
كما أوصى الاتحاد بوضع تعريف لمعنى الاتجار، وتحديد العقوبات الرادعة لكل من يعمل في الاتجار بالنساء والعمل على تطبيقها، واتخاذ عقوبات رادعة ضد من يقوم بتأخير الرواتب وحجز الوثائق الرسمية للعمالة الوافدة، وخصوصاً عاملات المنازل.
الجنسية
وأشار تقرير الاتحاد النسائي، إلى أنه على الرغم من أن اتفاقية «سيداو» نصت في المادة «9» على حقوق متساوية بين النساء والرجال في اكتساب الجنسية أو تغييرها أو الاحتفاظ بها أو منحها لأطفالهما، إلا أن البحرين تحفظت على البند الثاني من المادة «9» من الاتفاقية، بما لا يحق للمرأة البحرينية منح جنسيتها لأبنائها من زوج أجنبي، وذلك لأن قانون الجنسية البحريني يشترط أن يكون الأب بحرينياً حتى يكتسب الطفل الجنسية البحرينية، على الرغم من أن القانون ذاته يمنح الجنسية للطفل المولود من أب بحريني وأم أجنبية، كما يعطي الحق للزوجة الأجنبية باكتساب الجنسية البحرينية بعد أعوام.
وجاء في التقرير «إن الكثير من الأمهات البحرينيات يعانين العديد من المشكلات، نتيجة لحرمان أبناءهن من اكتساب الجنسية البحرينية، وخصوصاً في الحالات التي يتوفى فيها الزوح الأجنبي أو عندما يطلقها أو يهجرها، وهي لا تزال مقيمة في البحرين».
وبموجب ذلك، أوصى الاتحاد بتعديل المادة الرابعة من قانون الجنسية البحريني، لتصبح «يعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً أو أمه بحرينية عند الولادة».
كما أوصى برفع التحفظ على الفقرة الثانية من المادة «9» من اتفاقية «سيداو»، والتي تنص على «أن تمنح الدول الأطراف للمرأة حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، وإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، بحيث تستطيع أن تعيش كمواطنة كاملة الأهلية». يشار إلى أن مجلس الوزراء، وافق مؤخراً على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية، بما يسمح بمنح الجنسية البحرينية لأبناء المواطنة المتزوجة من أجنبي ضمن شروط ومعايير محددة، وأحال المشروع إلى السلطة التشريعية وفقاً للإجراءات الدستورية والقانونية.
جريدة الوسط – العدد ٤١٦١ – يوم الثلاثاء الموافق ٢٨ يناير ٢٠١٤، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٥ه