بقلم : أ.سلمان عبدالله سالم
تكمن قوة أي أمة في أبنائها، وفي مملكة البحرين، يُعد المواطنون الأوفياء حجر الأساس للأمان والاستقرار. بفضل أصالتهم وتكاتفهم، يساهمون بفعالية في بناء مستقبل مشرق للوطن، مما يجعل من المملكة نموذجًا فريدًا في المنطقة للتعايش السلمي والنمو.
يتميز المواطن البحريني بصفات نبيلة، مثل الطابع المسالم، والوعي الثقافي، ونبذ التمييز. هذه الصفات ليست مجرد كلمات، بل واقع ملموس في الحياة اليومية، حيث يتعايش الناس من مختلف الأديان والمذاهب في وئام. هذا الوعي يمتد إلى المجال المهني، فالمواطن البحريني يبرهن على كفاءته وقدرته على الابتكار والإبداع في جميع المجالات. وقد أثبتت التجارب في مختلف القطاعات الإقليمية والعالمية أن الكوادر البحرينية قادرة على الإنتاج وتطوير الأعمال، شريطة توفير البيئة المناسبة والتقدير المستحق.
إنجازات المواطن البحريني في القطاعات الحيوية
:أثبت المواطن البحريني جدارته في العديد من القطاعات، ومن أبرزها
القطاع المصرفي والمالي: تُعد البحرين مركزًا ماليًا مرموقًا، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى الكفاءات الوطنية التي تقود البنوك والمؤسسات المالية الكبرى. يتميز المصرفيون البحرينيون بخبرة واسعة ورؤية استراتيجية مكنت المملكة من أن تكون سباقة في مجال التقنيات المالية، حيث يقود العديد من الشباب اليوم شركات ناشئة ومشاريع ابتكارية بكل جدارة.
القطاع التكنولوجي: استطاع الشباب البحريني إثبات قدرتهم على المنافسة في قطاع التكنولوجيا المتطور. من المبرمجين ومهندسي الشبكات إلى مصممي الجرافيك وصنّاع المحتوى الرقمي، نرى جيلًا كاملًا من المبدعين الذين يصنعون الفارق في شركات عالمية أو يؤسسون مشاريعهم الخاصة التي تخدم السوق المحلي والإقليمي.
قطاع النفط والغاز: رغم أن هذا القطاع يمثل ركيزة الاقتصاد البحريني، فإن الكوادر الوطنية هي التي تدير عملياته المعقدة بكفاءة عالية. يمتلك المهندسون والفنيون البحرينيون خبرة عميقة في إدارة المشاريع الضخمة، مما يضمن استدامة هذا المورد الحيوي للمملكة.
قطاع التجارة والأعمال الحرة: يمثل رواد الأعمال البحرينيون قوة دافعة للاقتصاد، حيث نشهد تزايدًا في عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يديرها شباب وشابات بحرينيون بشغف وطموح، مما يساهم في تنمية البلاد.
تحديات تواجه الشباب البحريني في سوق العمل
على الرغم من الكفاءات والإنجازات المذكورة، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه الشباب البحريني في سوق العمل، وتؤثر على قدرتهم في الحصول على فرص عمل مناسبة في القطاعين العام والخاص. من أبرز هذه التحديات:
المنافسة مع العمالة الأجنبية: يواجه الشباب البحريني منافسة قوية من العمالة الأجنبية التي قد تكون مستعدة للعمل بأجور أقل، مما يدفع بعض أصحاب العمل إلى تفضيل توظيفهم لتخفيض التكاليف، حتى لو كان ذلك على حساب جودة العمل.
الفجوة بين التعليم وسوق العمل: في بعض الأحيان، لا تتوافق المناهج الدراسية والتخصصات المتاحة مع المتطلبات الفعلية لسوق العمل، مما يترك الخريجين غير مؤهلين بشكل كافٍ للوظائف المتاحة. تتحمل الجهات المعنية بالتعليم مسؤولية جعل التعليم والتدريب مواكبًا لمتطلبات السوق.
نقص الخبرة العملية: يجد العديد من الشباب صعوبة في الحصول على وظائف بسبب اشتراط أصحاب العمل لخبرة سابقة، في حين أن الخبرة لا تأتي إلا بالممارسة الفعلية. وهذا يمثل حلقة مفرغة تمنع الشباب من اكتساب الخبرة المطلوبة.
ضعف الأجور في القطاع الخاص: يشكو بعض الشباب من أن رواتب القطاع الخاص لا تتناسب مع مؤهلاتهم أو تكاليف المعيشة، مما يدفعهم للبحث عن وظائف حكومية على الرغم من محدوديتها.
الافتقار إلى التوجيه والإرشاد المهني: قد يواجه الشباب نقصًا في برامج التوجيه المهني التي تساعدهم على تحديد مسارهم واختيار التخصصات المناسبة أو تطوير مهاراتهم لتلبية احتياجات سوق العمل.
أمثلة صادمة من الواقع: تتكفل الجهات الحكومية بتدريب وتأهيل الشباب البحريني وتدعم رواتبهم، ولكن هناك حاجة لمتابعة أكثر صرامة للشركات المدعومة. على سبيل المثال، من غير المنطقي أن تُعرض على خريجة حقوق، لديها خبرة واسعة وإنجازات مالية كبيرة، وظيفة “منسقة أزهار” لا تتناسب مع مؤهلاتها. هذا النوع من العروض، الذي يُعد رفضه بمثابة رفض للوظيفة في نظر الوزارة، يسبب إحباطًا كبيرًا ويؤثر سلبًا على استحقاقات العاطلين عن العمل. هذا مجرد نموذج واحد من عشرات النماذج المؤلمة التي تحتاج إلى إعادة نظر شاملة في آليات التوظيف.
الحلول والمستقبل
إن الاهتمام بالمواطن البحريني ليس خيارًا، بل هو استثمار استراتيجي لضمان مستقبل مزدهر للوطن. تمكينه وجعله الخيار الأول في التوظيف والتدريب هو السبيل لتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وتتطلب معالجة هذه التحديات جهودًا مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية، لدعم الشباب البحريني وتزويدهم بالفرص المناسبة، مما يساهم في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.