دعم جديد لحماية الفتيات من “العبودية الحديثة”

منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الدولية البريطانية تقيمان شراكة لمكافحة الاتجار بالنساء والفتيات عبر مشروع ضخم جديد ينفذ في جنوب آسيا والشرق الأوسط. قامت وزارة التنمية الدولية البريطانية ومنظمة العمل الدولية بإطلاق مشروع جديد يهدف إلى منع وقوع 100 ألف فتاة وامرأة في جميع أنحاء جنوب آسيا ضحايا لأسوأ أشكال الاتجار بالعمال.

وتستثمر حكومة المملكة المتحدة 9.75 ملايين جنيه إسترليني خلال خمس سنوات في مشروع “العمل بحرية”؛ للإسهام في التصدي للطرق المعروفة للاتجار بالعمال من دول جنوب آسيا، مثل بنغلادش ونيبال، نحو دول الشرق الأوسط كالأردن والإمارات العربية المتحدة ولبنان، حيث يتم تهريب نحو 21 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وإرغامهم على العمل الجبري، ومعظم هؤلاء من آسيا، حيث النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً.

ويهاجر كل عام ملايين الرجال والنساء من مجتمعات فقيرة بحثاً عن عمل؛ كي يرسلوا النقود لإعالة أُسرهم، وهم يحصلون على وظائف كعمال منزليين مقيمين يطبخون وينظفون ويعتنون بالعائلة، أو يعملون في مصانع الألبسة، ولكن كثيراً منهم يُخدعون وينتهي بهم المطاف في وظائف بخسة الأجور أو دون أجر على الإطلاق، فتتقيد حركتهم، وتصبح ظروف معيشتهم وعملهم سيئة جداً، وغالباً ما يعانون الإساءة الجسدية والجنسية.

سيصل البرنامج إلى عشرات الآلاف من النساء والفتيات، وهو يهدف إلى تزويد 50 ألف امرأة بالمهارات والتدريب قبل السفر وبأشكال أخرى من الدعم تساعدهن في تجنب الاتجار، والحصول على عقد قانوني وأجر لائق. تمكين 30 ألف امرأة اقتصادياً؛ كي يصبحن أكثر قدرة على إعالة أنفسهن وأُسرهن، ويتم ذلك من خلال مساعدتهن في فهم حقوقهن، وتمكينهن من تنظيم صفوفهن، وتزويدهن بتدريب مهني يساعد في الحصول على فرص عمل لائق في المهجر. مساعدة آلاف المهاجرات في تجنب دفع الأموال كابتزاز ودفع رسوم توظيف غير قانونية من خلال تضييق الخناق على ممارسات التوظيف اللاأخلاقية، وحث وكالات التوظيف على اعتماد ممارسات ومبادئ أخلاقية. منع عمل الأطفال عبر مساعدة آلاف الفتيات دون سن السادسة عشرة على مواصلة الدراسة؛ كي لا يضطررن للهجرة بحثاً عن عمل.

تقول وزيرة التنمية الدولية لين فيذرستون “يمثل الدخل الذي يرسله العمال المهاجرون إلى أوطانهم مصدراً حيوياً لإعالة الأُسر في الدول النامية، إذ تبلغ قيمته مليارات الجنيهات، وهو أكبر من موازنة المعونة العالمية بمرات عدة، لكن الأمر المروع اليوم أنه وبعد مرور مئات السنين على إلغاء تجارة الرقيق لا تزال ملايين النسوة يتعرضن للاتجار ويُرغمن على العمل في وظائف مسيئة”، وتضيف قائلة: “يجب أن تكون النساء اللواتي يرغبن في الهجرة بحثاً عن عمل لانتشال أنفسهن وعائلاتهن من براثن الفقر قادرات على فعل ذلك بشكل آمن وسليم. وسيساعد مشروع “العمل بحرية” أكثر من 100 ألف فتاة وامرأة في جنوب آسيا الذي يعتبر بؤرة للاتجار عبر تزويدهن بالمشورة والدعم العمليين؛ كي يكسبن لقمة العيش ويتجنبن مخاطر الاتجار”.

ويقول المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر “تُعتبر هجرة اليد العاملة واقعاً من وقائع اقتصادنا المعولم، ولكنها تترافق بازدياد مخاطر الاتجار بالعمال، لاسيما بين الفئات الأشد فقراً وضعفاً”. وأردف قائلاً: “تشير تقديراتنا إلى أن قيمة الأجور التي تُحجب سنوياً عن العاملين في العمل الجبري في آسيا والشرق الأوسط تزيد عن 12 مليار دولار، وهي أموال من المفترض أن تساعد في انتشال عائلات أولئك العاملين من براثن الفقر”، واعتبر رايدر “هذه الشراكة الرائدة مع حكومة المملكة المتحدة خطوة حيوية لجعل الهجرة بحثاً عن عمل وسيلة آمنة ومشروعة لتحسين سبل العيش”.

ويتولى مركز العنف الجندري والصحة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي عملية رصد البرنامج وتقييمه، يقول مدير الكلية البرفسور بيتر بيوت: “نظراً لضخامة عدد النساء والفتيات اللواتي يعرضن أنفسهن لخطر الإساءة من أجل مساعدة عائلاتهن، من الملح جداً أن نختبر بدقة نجاعة الطرق التي تمنع الاتجار بالبشر وتوقف الاستغلال المفرط، وتدرك وزارة التنمية الدولية البريطانية أن الأدلة الملموسة لا تزال ضعيفة للغاية في مجال الاتجار، ويسرنا أن نقود هذا البرنامج بالاستفادة من خبراتنا؛ من أجل بناء قاعدة أدلة أكثر دقة بشأن الخطوات التي تساعد المرأة العاملة في تحسين حياتها وسبل معيشتها”.

تستضيف وزارة التنمية الدولية البريطانية ومنظمة العمل الدولية وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي مؤتمراً مدته يومان يبدأ اليوم وتشارك فيه حكومات ومؤسسات دولية وإقليمية إضافة إلى القطاع الخاص والنقابات والمنظمات غير الحكومية لبناء شبكة من المؤسسات هدفها العمل على مكافحة الاتجار.

وتشير التقديرات إلى أن الأموال التي أرسلها العمال المهاجرون إلى عائلاتهم في البلدان النامية في العام 2010 بلغت 242 مليار جنيه إسترليني أي أكثر من ثلاثة أضعاف موازنة المعونة العالمية، وتَعتبر الأمم المتحدة الإتجار بالبشر ثالث أكبر قطاع جريمة في العالم بعد تجارة المخدرات والأسلحة، ومازالت معظم الجهود الدولية الرامية إلى مكافحته تركز حتى اليوم على الاستغلال الجنسي على الرغم من أن الاتجار بالعمال أكثر شيوعاً.

جريدة البلاد  –  العدد : 1845  السبت 2 نوفمبر 2013م

http://www.albiladpress.com/article220398-1.html

Image Gallery