المشروع الذي أعلن عنه وكيل وزارة العمل صباح الدوسري قبل أيام بتوظيف عشرة آلاف بحرينيّ هو أحد المشاريع الكبيرة والطموحة لتجسيد حلم الكثيرين الذين لا يزالون على محطة الانتظار منذ سنوات. اشار الوكيل الى أنّ المشروع يستهدف أربعة آلاف مواطن من حملة الشهادات الجامعية وألفين من حملة الدبلوما وأربعة آلاف من حملة الثانوية العامة. ومما يؤكد الجدية في المشروع أنّ المتقدم للوظيفة يجب أن يجتاز مهارات اساسية من بينها لغة التواصل والتعامل مع التكنولوجيا بالاضافة الى اخلاقيات العمل قبل اجراء المقابلة.
الخطوة السالفة من قبل الوكيل صباح الدوسري تجعلنا متفائلين لأكثر من سبب أول الأسباب أنّ السيّد صباح الدوسري يُمّثل بين قلائل من المسؤولين من يحمل هموم العاطلين منذ أن انيطت به هذه المسؤولية. فهو دائم الانشغال فيما يحقق لهذه الفئة من المواطنين الأمان والاستقرار. ولعلّ الكثيرين ممن أغلقت امامهم ابواب المسؤولين الآخرين وجدوا باب مكتبه مشرعاً أمامهم. والموضوعية تقتضي منّا القول إنّ الرجل لم يتردد يوماً في حلحلة العديد من القضايا الشائكة المتعلقة بالوزارة نذكر منها على وجه التحديد قضية مفصولي شركة ألبا. والحقيقة انه بذل محاولات مستميتة لحل المسألة بين الطرفين دون اللجوء الى القضاء. كما يجدر القول هنا أن الوكيل لم يمارس أي شكل من التهديد لفرض الحل بل تعامل مع الملف بمنتهى الحكمة والمرونة مع الطرفين للوصول الى حل يرضيهما.
وقُدّر لي مؤخراً أن أقف على بعض الاضافات الجديدة التي أدخلها على مكاتب العلاقات العمالية بوزارة العمل التي تشمل تسوية المنازعات وتسجيل الشكاوى العمالية اضافة الى قسم التحكيم والاستشارات القانونية في اطار تنفيذ توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر. الملفت في هذه المكاتب أنه رُوعي في تصميمها الشكل الهندسي الحديث والخصوصية للمحكمين العماليين والاطراف المتنازعة.
إنّ دور المحكمين العماليين يتلخص في توضيح اللوائح الجزائية والحقوق والواجبات الملزمة لطرفي الانتاج أو تلك المتعلقة بشكاوى خدم المنازل ومن في حكمهم. امّا الدور الذي تنهض به الوزارة حيال هذه القضايا فهو دور توفيقيّ اي تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع وما لم يتوصل الطرفان للحل فإنه تتم الإحالة الى القضاء.
الذّي تجدر الاشارة اليه هنا أنّ الثقافة العمالية غائبة عن طرفي الانتاج وهما العمال من جهة وأصحاب العمل من الجهة الأخرى وكان لابدّ من تعزيز الثقافة العمالية للمساهمة في حل القضايا والمنازعات بين الطرفين. ومن هنا ايضاً طالبت الوزارة الطرفين – العمال وأصحاب العمل – ضرورة مراجعة الوزارة عندما ينشب أي نزاع عمالي بينهما لتأمين حقوق المتنازعين.
الذّي يدفعنا للاطمئنان على نجاح المشروع هو أنّ الموازنة المخصصة له تم توفيرها وقد تكفلت “تمكين” بما يشكل اكثر من النصف والوزارة من جهتها ستقوم بالمبلغ المتبقيّ. الهواجس تكمن فيما تمارسه بعض مؤسسات القطاع الخاص من التفاف على المشروع بالاعلان عن وظائف ولكن عندما يتقدم الباحثون عن العمل فإنّهم لا يجدون أية استجابة وتتحول الوظائف الى مجرد دعاية. أملنا الكبير بأنّ الوكيل الدوسري الحريص على انجاح المشروع سيأخذ في الاعتبار كل الامكانيات لإنجاحه.
أصحاب الشركات يتذرعون على العاطلين بقلة الخبرة للتهّرب من توظيفهم بيد أن الوكيل الدوسريّ قد أوجد في نظرنا الحل عندما تعهد بأنّ الوزارة على استعداد لإخضاع الخريجين لبرنامج تدريبيّ مكثف لمدة ستة اشهر يؤهلهم للاضطلاع بالمهام المطلوبة على خير وجه.
جريدة البلاد – العدد ١٩٥٣ – يوم الثلاثاء الموافق ١٨ فبراير ٢٠١٤