وفد المجلس الأعلى يناقش “السيداو” في جنيف .. مسيرة المرأة البحرينية… إصرار وعزيمة لمواصلة الإنجاز

يحتفل العالم كمنظومة في السابع من أبريل من كل عام بيوم المرأة العالمي، الذي يبارك إنجازات المرأة حول العالم في أي مجال كان، وفي بلدنا البحرين هناك إنجاز كبير تحرص على تحقيقه قرينة جلالة الملك رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وتصبو لتجعله حقيقة على أرض الواقع، ألا وهو العمل الجاد لتحقيق كل أهداف استراتيجية النهوض بالمرأة بكل مخرجاتها وأهدافها، عمل متواصل وجهود مباركة شاهدها ولمسها بأم عينيه القاصي والداني.
وشهد الأسبوع الثاني من شهر فبراير الماضي نشاطًا كبيرًا للمجلس الأعلى للمرأة بمدينة جنيف السويسرية في إطار التعريف بالإنجازات والمكتسبات التي تحققت للمرأة البحرينية في عهد عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في سائر المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والوفد البحريني الذي زار سويسرا بقيادة نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة، والأمين العام للمجلس هالة الأنصاري، أجرى اتصالات عديدة وأقام اجتماعات بقصر الأمم المتحدة بجنيف على هامش مشاركة وفد مملكة البحرين لمناقشة التقرير الوطني الثالث بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو” وكان وفدا ناجحا من ترأس الشيخة مريم للوفد وعضوات الوفد اللواتي تم اختيارهن بعناية فائقة ليكن خير ممثل لهذه المهمة في الخارج، فقد تناولت الصحافة هناك التفاعل والحراك الايجابي الذي وصف به الوفد، فالجميع يعرف ان الوفد ضم بالفعل الشخصيات المطلوبة لخير تمثيل لهذا الجانب، ولو أفردنا صفحات للتعريف برئيسة الوفد وعضوات الوفد من ناحية الخبرة التراكمية المدعومة بالثقافة والعلم والاطلاع، والتمكن من اللغات الأجنبية “لغة التحاور” المعتمدة هناك، والتمرس العملي في هموم المرأة ومعاناتها، وإيجاد الحلول لكل هذا، والعمل ضمن استراتيجية النهوض بها، ونجاح الخطط في هذا الجانب، فإننا لن نجد أبدا من هو أفضل لهذا التمثيل وتحمل مسؤولية هذا الجانب.
ومن خلال المتابعات الصحافية المستمرة تبدو للقارئ أن قرينة العاهل رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة تبذل جهودا كبيرة ومقدرة في سبيل الارتقاء بالمرأة البحرينية وإعلاء شأنها وجعلها في صدارة ترتيبات المرأة في عالمنا العربي من حيث التمكين والتأهيل والفاعلية والريادة التي هي أصلا أهل لها ودخلت التعليم في بدايات القرن الماضي ولم يسبقها في ذلك أحد، إن جهود صاحبة السمو ورعايتها واهتمامها بالمرأة البحرينية هي التي أوعزت لقيادة المجلس الأعلى أن تكون في قلب الأحداث ومشاركة في كل المحافل الدولية عاكسة للآخرين المستوى المشرف للمرأة البحرينية وما تجده من تقدير في نيل حقوقها مجتمعة.
إن زيارة الوفد البحريني لمدينة جنيف كانت فرصة لمقابلة المسؤولين في مجلس حقوق الإنسان بسويسرا وكان أول اللقاءات مع المندوب الدائم لغابون ورئيس مجلس حقوق الإنسان السفير بودلير دونغ إيلا وأكدت فيه الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة حرص مملكة البحرين على الإيفاء بالتزاماتها الدولية التي من اهمها متابعة تطبيق اتفاقية السيداو، وتقديم التقارير الدورية في مواعيدها المحددة، ومتابعة تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان باعتبارها من الأدوات التي تساهم في تعزيز مركز المرأة البحرينية على مختلف الاصعدة، وفي هذا اللقاء أكد السفير بودلير دونغ إيلا متابعة مجلس حقوق الإنسان لكل ما من شأنه دعم وتمكين المرأة واحترام حقوقها في العالم أجمع، مشيداً في هذا الصدد بالاهتمام الذي توليه حكومة مملكة البحرين بمشاركة المرأة في مختلف المجالات التنموية الشاملة بما فيها المشاركة في الحياة السياسية، إلى جانب ما تحقق لها على صعيد استقرارها الأسري، مثمناً الاهتمام بإيصالها لمراكز صنع القرار، وتمثيلها للمملكة في عدة مواقع دولية.
نافي بيلاي تشيد بجهود البحرين في حماية حقوق المرأة
ومن الطبيعي أن يلتقي الوفد البحريني بقيادة الشيخة مريم آل خليفة وهالة الأنصاري أعلى قمة المسؤولية في الأمم المتحدة بمجلس حقوق الانسان حيث اجتمعن بمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي بمقر المفوضية، وجاء ذلك في اطار الاجتماعات التحضيرية لمناقشة مملكة البحرين للتقرير الرسمي الثالث لاتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو” وفي بداية اللقاء، أشادت بيلاي بجهود مملكة البحرين في جعل مسألة تقدم المرأة وحماية حقوقها ضمن اولويات عمل الدولة، مشيدة في هذا الصدد بالمساعي المبذولة نحو تنفيذ التزاماتها الدولية وجهودها في تحقيق تقدم مستمر في مجال تمكين المرأة وإتاحة فرص المشاركة الكاملة أمامها.
كما أشادت بالقرارات المهمة التي صدرت مؤخراً فيما يتعلق برفع وإعادة صياغة تحفظات المملكة على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو”، إلى جانب القرار الخاص بتعديل قانون الجنسية بشأن منح الجنسية البحرينية أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من غير البحريني وفق ضوابط محددة، مؤكدة استعداد المفوضية السامية لحقوق الانسان لتقديم كل الدعم والمساندة للجهود المؤسسية في مجالات تمكين المرأة على مختلف الأصعدة، والدفع باتجاه استكمال المنظومة التشريعية التي من شأنها ان تساهم في تحقيق الاستقرار الأسري.
والوفد البحريني، من جانبه، أكد دعم القيادة السياسية في البحرين لكل الجهود المبذولة لتعزيز مركز المرأة بالإشارة إلى ان ما تحقق من مكتسبات للمرأة البحرينية ترجمته استراتيجية وطنية لنهوض المرأة البحرينية تم اعتمادها كخطة عمل وطنية تسعى الى ادماج احتياجات المرأة في مسار التنمية الوطنية، وتعكس القناعة التامة بدور المرأة كشريك في عملية البناء والتطوير.
استعراض تقرير البحرين الثالث بشأن “السيداو”
وهنا لابد من الإشارة إلى أن للمرأة البحرينية دورا بارزا ومحوريا ومتطورا في المسيرة الإصلاحية التي قادها جلالة الملك المفدى، جعلها نموذجاً للمرأة العربية القادرة على التأثير الإيجابي في بناء المجتمع، خصوصا بعد تقلدها العديد من المناصب الرسمية، ومشاركتها في عمليات صنع واتخاذ القرار في وزارات الدولة، فضلاً عن إسهاماتها المتميزة في مختلف الشؤون سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكانت هذه الخطوة بمثابة بداية العمل في النهوض بالمرأة البحرينية.
وفي هذا السياق فإن الكلمة التي القتها رئيسة الوفد الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة خلال مناقشات تقرير البحرين الثالث بشأن اتفاقية السيداو في مقر الأمم المتحدة بجنيف برئاسة نائبة رئيسة اللجنة فيوليتا نوبوير أكدت من خلاها الشيخة مريم آل خليفة حرص المملكة على الالتزام بالأطر الرئيسية التي تراعيها الجهات المعنية عند تطبيق اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو”، المتمثلة في سيادة القانون وشفافية العمل الديمقراطي، والتنمية المرتكزة على احترام العدالة وحقوق الإنسان والحوار المجتمعي، وإيلاء الأهمية الواجبة لدور المجتمع المدني، والمنهجية العلمية في تقييم ما تحقق من إنجازات وضمان عملية التطوير والتقدم في مجال التمكين للمرأة، والتفاعل والتعاون مع الآليات الإقليمية والدولية في الارتقاء بأوضاع المرأة وترسيخ التعريف المستمر باتفاقية السيداو.
وأكدت نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة اعتزاز مملكة البحرين بجهودها وإنجازاتها في مجال تطبيق اتفاقية السيداو وما يرتبط بها في إعلان وبرنامج عمل بيجين وإعلان الألفية. مشيرة إلى جهود المجلس الأعلى للمرأة، بالتعاون مع كل الجهات المعنية، في تمكين المرأة في مجالات متعددة رسمية وغير رسمية، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، مع إعطاء الأهمية الكبرى للتعريف باتفاقية السيداو.
إبداعات فكرية كثيرة
وبعيدا عن الاجتماعات التي عقدها المجلس الأعلى للمرأة بجنيف، نقول إن الحركة الدءوبة التي أحدثها المجلس الأعلى من خلال توجيهات قرينة العاهل رئيسة المجلس الأعلى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، أثمرت ابداعات فكرية كثيرة، وابتكارات جديدة على مستوى المنطقة العربية أطلقها المجلس الأعلى للمرأة في البحرين في سبيل تحقيق أهدافه السامية لنهضة المرأة ويظهر من خلالها العصف الذهني والفكري من أجل الوصول بأعلى نسبة من الرقي والتطور بالبحرين إلى مصاف دول العالم المتقدم من خلال البحرينية الأم والأخت والناشطة الاجتماعية والسياسية والمتطلعة لخدمة وطنها.
ومن هذه الإبداعات تبرُز بوضوح شديد وباهر فكرة إنشاء وحدة تكافؤ الفرص في الوزارات الحكومية وهي فكرة غير مسبوقة بأي حال من الأحوال لا في المحيط الخليجي أو المحيط العربي قاطبة، وهي ضرورة قصوى لرفع قدرات المرأة نحو فضاءات أوسع تستجيب معها كل احتياجات المرأة البحرينية في مجال العمل وتقوم بالدرجة الأولى على مساواتها بأخيها الرجل في جميع الامتيازات والدرجات والدورات العملية التي تقدمها الوزارات التي استجابت لمشروع إنشاء وحدة تكافؤ الفرص.
إن التنمية الشاملة والمستدامة للمجتمع البحريني لا يمكن أن تتحقق إلا بشراكة عادلة بين المرأة والرجل، تكون بموجبها النساء مشاركات في خطط وبرامج التنمية ومستفيدات من مخرجاتها، وعليه فإن إدماج احتياجات المرأة في التنمية عملية تعنى بتخصيص الموارد ووضع الخطط والبرامج والآليات وتنفيذ التدابير والإجراءات التي من شأنها ضمان مراعاة احتياجات المرأة في كل المجالات وتعزيز تكافؤ الفرص بين الجنسين، لتأخذ المرأة دورها مع الرجل كشريك مؤهل وجدير ببناء الأسرة والمجتمع، ويتطلب تفعيل عملية إدماج احتياجات المرأة في التنمية تضافر الجهود الوطنية ودعم كل السلطات وتعاون الوزارات والمؤسسات لإدماج احتياجات المرأة في الموازنات والخطط والسياسات التنموية في مملكة البحرين.
ان هذه الابداعات الفكرية أوجدت مشروعات عديدة كانت السبب الرئيسي في تطور المرأة البحرينية مثل التمكين السياسي للمرأة الذي أثبت بالتجربة العملية أهميته وجدواه والتشكيلة البرلمانية الراهنة لمجلس النواب أكبر دليل على نجاح هذه التجربة، وبذات القدر كان مشروع تمكين المرأة اقتصاديا، وحقق نتائج موجودة على أرض الواقع في كل مكان تقع عليه أعيننا، ولكن آخر دليل على ذلك هو النتيجة الأخيرة لانتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين، وزيادة الأعداد الكبيرة للنساء في مجموعة السجلات التجارية الناجحة والمتميزة، فإن الكثير من الآليات التي صنعها المجلس الأعلى للمرأة استفادت منه المرأة البحرينية في تطورها وارتقائها.
لقاءات المجلس الأعلى للمرأة بجنيف
خلاصة القول إن الحركة الدءوبة المباركة التي قامت بها رئاسة المجلس الأعلى للمرأة لمدينة جنيف السويسرية لتقديم التقرير الثالث للبحرين بشأن اتفاقية السيداو ومقابلة المسؤولين بالأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان خطوة جريئة تعبر عن الإصرار والعزيمة على مواصلة انجاز مشروعات الارتقاء بالمرأة البحرينية، ومواجهة المجتمع الدولي ليس بالحديث المتكرر بل بالحقائق المجردة وفق النتائج التي حدثت على أرض الواقع والمحصلة أو الثمرة التي حصلت عليها المرأة البحرينية في العهد الاصلاحي الميمون، إن مثل هذه الزيارات مطلوبة لأنها تعكس حيوية القائمين على الارتقاء بالبلاد، وحيوية المجتمع البحريني من خلال النشاط الكبير الذي يحظى به من خلال مؤسسات الدولة الرسمية بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، وهذه الزيارات من شأنها أن تضع العالم أمام حقائق الوضع في البحرين على حقيقته المجردة، بما يعكس مفهوم الإصلاح للآخرين.
جريدة البلاد  – العدد  ١٩٧٢ – يوم الأحد الموافق  ٩  مارس  ٢٠١٤

Image Gallery