الوسط – محرر الشئون المحلية
أعادت وفاة الشباب كميل أبوزهيرة إلى الواجهة مجدداً قضية الموظفين المؤقتين العاملين في الحكومة، الذين ينتظرون تثبيتهم منذ سنوات، فهؤلاء يعملون بعقود مؤقتة دون أدنى حقوق في التقاعد أو الترقيات، ولم ينالوا حقهم الطبيعي في المساواة مع زملائهم الآخرين الخاضعين تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية على رغم تميزهم في أدائهم الوظيفي وحصولهم على شهادات ودروع التكريم تلو التكريم على نشاطهم.
وفاة كميل سلطت الضوء على هذه القضية الإنسانية بالدرجة الأولى، فنحو 14 موظفاً وموظفة يعملون في المجلس منذ ست سنوات، وبضع مئات آخرين من الموظفين المؤقتين في وزارات مختلفة، يعملون من دون استقرار وظيفي أو تأمين، وخلف هؤلاء تعيش عوائلهم الهم والمعاناة.
لم يمهل القدر كميل أبوزهيرة ليكون واحداً من أولئك الذين حلموا بأن يشملهم القرار الذين أصدره مجلس الوزراء بعد توجيه رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة خلال ترؤس سموه جلسة مجلس الوزراء يوم الأحد (26 يناير/ كانون الثاني 2014)، بتكليف مجلس الخدمة المدنية بدراسة أوضاع الموظفين الجامعيين المؤقتين، الذين تم توظيفهم في الجهات الحكومية بعقود مؤقتة، وتسكينهم على وظائف دائمة بما يتناسب وتخصصاتهم والاعتمادات المالية المرصودة.
14 موظفاً يعملون في مجلس بلدي الشمالية بعقود مؤقتة منذ العام 2007، وكان الشاب كميل محمد أبوزهيرة، يعمل بعقدٍ مؤقت على رغم أنه أحد الوجوه الشبابية المميزة المبدعة وظيفياً ومهنياً وأكاديمياَ واجتماعياً، وكان مشرفاً على قسم العلاقات العامة والإعلام بمجلس بلدي الشمالية.
كميل ذو السبعة والعشرين ربيعاً أبٌ لولد وبنت وكان ينتظر مولوده الثالث خلال هذا الشهر، وكان المرحوم طوال عمله في المجلس البلدي متفانياً في أداء عمله، وكان ينجز كل المهمات الموكلة إليه بتميز واقتدار بشهادة الجميع، وكان مشاركاً في العديد من اللجان للمؤتمرات والفعاليات على مستوى المجلس والوزارة ومملكة البحرين.
لم يشفع لكميل أنه خريج جامعي يحمل درجة بكالوريوس الإعلام والعلاقات العامة من جامعة البحرين، وكان من الأوائل على دفعته، وكان يدرس لنيل درجة الماجستير في إحدى جامعات جمهورية مصر العربية.
على مدى السنوات الماضية كان المجلس البلدي حريصاً على متابعة هذا الملف مع وزارة البلديات وبلدية الشمالية وديوان الخدمة المدنية، لإنهاء معاناة الموظفين المؤقتين، ومنهم الشاب الفقيد، وقد أرسل المجلس الكثير من الخطابات للجهات الرسمية ذات العلاقة، وحتى يوم الخميس الأخير قبل وفاته بيوم كان المرحوم يتابع هذا الملف مع المجلس في أعقاب الاجتماع المشترك الذي عقده وزير البلديات مع المجلس البلدي والذي وعهدهم فيه خيراً بتسريع إنهاء هذا الملف.
كما عادت بارقة الأمل لهؤلاء الموظفين وقد ناشد موظفو مجلس بلدي الشمالية ذوو العقود المؤقتة مجلس الوزراء السعي لإنهاء إجراءات تثبيتهم على الهيكل التنظيمي للمجلس البلدي الذي أقرّ في 29 أبريل/ نيسان 2012، وإنهاء معاناتهم التي استمرت منذ العام 2007 على رغم اعتماد الهياكل التنظيمية للمجالس البلدية في أواخر شهر أبريل 2012، وعلى رغم إنهائهم إجراءات الفحص الطبي والفحص الجنائي والتوقيع على استمارة منذ شهر مارس/آذار 2013.
وطالب مقربون من الفقيد كميل أبوزهيرة، جميع الجهات ذات العلاقة السعي لتوفير مستقبل كريم لأسرته المكونة أربعة أشخاص، هم زوجته وابنه وابنته ومولوده المقبل، إذ إن زوجته في شهرها التاسع لتنجب «النجم الثالث».
ولا يكاد يخلو أسبوع من دون تصريح صحافي من المجلس البلدي أو الموظفين عن هذه الأزمة، وقد أدرج مجلس بلدي الشمالية علي الجبل موضوع تثبيت المؤقتين ومستجدات الهيكل الوظيفي للمجلس كبند ثابت ودائم في اجتماعات المجلس على مستوى اللجنة العامة والاعتيادي، حتى يتم إحراز تقدم في الموضوع.
وشكا المجلس من جراء التعطيل الحاصل في إجراءات تثبيت المؤقتين والتي استمرت منذ إقرار الهياكل التنظيمية للمجالس البلدية في (29 أبريل 2012)، وتقاذف الجهات المعنية للمسئولية.
يذكر أن موظفي المجلس المؤقتين رفعوا خطاباً إلى وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني في نهاية (سبتمبر 2013) طالبوا فيه بالإسراع في إنهاء إجراءات التثبيت، وذلك بعد أن «نما إلى أسماعنا مؤخراً أن باقي المجالس البلدية تم الانتهاء من تسكين موظفيها وتثبيت ذوي العقود المؤقتة فيما لايزال مصيرنا مجهولاً».
وقال رئيس مجلس بلدي الشمالية علي الجبل آنذاك: «إن وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني جمعة الكعبي، وجّه لطلب اعتماد مالي من وزارة المالية من أجل تثبيت الموظفين المؤقتين على الهيكل الوظيفي في المجلس، إلى جانب تعيين موظفين مساعدين للأعضاء البلديين».
وتصدرت هذه القضية أجندة الاجتماع الذي عقده المجلس البلدي في يوم الخميس (19 ديسمبر/ كانون الأول 2013) مع وزير شئون البلديات، استعرض المجلس خلاله آخر المستجدات على صعيد الهيكل الوظيفي (المؤقتين)، إذ نقل أعضاء المجلس أنه تمت مناقشة هذا الموضوع بإسهاب مع الوزير. وتمخض الاجتماع عن عدة أمور أهمها: تكليف وزير شئون البلديات رئيس شئون المجالس بمخاطبة وزارة المالية لطلب الاعتماد المالي كخطوة أولى لتثبيت الموظفين المؤقتين.
أزمة الموظفين المؤقتين لا تقتصر على وزارة البلديات وحدها، فهناك بضع مئات من الموظفين في وزارات ومؤسسات وهيئات مختلفة، وخصوصاً الذين توظفوا في قائمة العاطلين الجامعيين الذين ينتظرون مستقبلاً غامضاً، ويأملون في لفتة عليا إنقاذ مستقبلهم ومستقبل أسرهم، فهل ستسرع مأساة الفقيد كميل أبوزهيرة في إيجاد حل جذري لمأساة مئات الموظفين في القطاع الحكومي؟
جريدة الوسط – العدد ٤١٧٥ – يوم الثلاثاء الموافق ١١ فبراير ٢٠١٤