وزير العمل بين «اتحادين»

محمود الجزيري …
يبدو أن وزير العمل مهتم هذه الأيام بإنهاء الخصومة بين الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاتحاد الحر وعقد الصلح بينهما.
فقد دعا الوزير خلال كلمته في الحفل السنوي الـ 29 لتكريم العمال المجدين والمتفوقين والمنشآت المتميزة في القطاع الأهلي، «الاتحادين» للعمل بوتيرة أسرع وأكثر فاعلية لتجاوز أي خلافات، وتوجيه جهودهما وطاقتهما معاً للتصدي لمظاهر الفرقة والانقسام، وتعزيز أجواء التوافق والانسجام والعمل المشترك في مختلف مواقع العمل والإنتاج.
ليس ثمة من يختلف على ضرورة رأب الصدع الذي ألمَّ بالجسم العمالي، والحاجة الملحة لمعالجة الآثار المدمرة التي تفتك به إثر الخطوات الارتدادية التي اتخذتها الحكومة حيال أحداث (14 فبراير/ شباط 2011)، وأتت على إنجازات التجربة النقابية التي كانت قوية ومزدهرة، لكن ليس بالطريقة المرسلة التي يتبناها الوزير.
دعوة سعادة الوزير خيّرة لكنها غير عادلة، لأنها عائمة بلا ملامح، وتغفل الحقائق التي تختفي بين التفاصيل. فليس من العدل أن تساوي الوزارة بين الاتحاد العام والاتحاد الحر في درجة واحدة من الخلاف، وكأن الضرر قد بدر من كليهما ووقع عليهما بالدرجة ذاتها.
كلا، هذا المنطق المعوج غير مقبول، لأن الطرفين ليسا سواء، ومنهما من أوذي ومن آذى، والحكومة إذا كانت جادة في تحقيق الوئام فلزوم العدل أن تأخذ الحق لأصحابه قبل الشروع في عملية المصالحة.
الآن سنتغافل عن أن الحكومة هي التي من أوجدت الاتحاد الحر، مستفيدة بذلك من النزعات الانفصالية لدى بعض النقابيين، وسنبدو وكأننا نسينا أن الحكومة خالفت القانون وطيّعت نصوصه لصالح قيام الاتحاد الحر، وكيف أنها غضّت الطرف عن ضرورة توافر صفة «التشابه في المهنة» بين النقابات كشرط لازم لقيام الاتحاد في حدود كونه «قطاعياً» وليس «عامّاً». فالاتحاد الحر فسَّر نفسه بنفسه، وعرّفت أدبياته وألسنة أعضائه الهدف الذي جاء لتحقيقه، وهو مناكفة الاتحاد العام، وتشتيت جهوده وتشويه صورة قياداته، وصولاً إلى إضعاف العمل النقابي وتفتيته، وليس مشروعاً آخر.
ولا أدّل على ذلك مما تنضح به بيانات وتصريحات أعضاء الاتحاد الحر التي ملأت صفحات الصحف تخويناً وطعناً وتكذيباً للاتحاد العام وقياداته. وما يقابله من أدب جمّ وتركيز على الأولويات من قبل قيادات الاتحاد العام وترفّعهم عن الانشغال بسفاسف الأمور.
نحن والوزير اليوم بين مشروعين متضادين؛ الأول بقيادة الاتحاد العام وهو المشروع وطني متزن، ويسعى جهده لتعزيز القيم النقابية وصيانتها، وتحقيق أعلى درجات التضامن النقابي لتحصين القضايا العمالية وحمايتها، والثاني يعيش على تخريب المشروع الأول وإشغاله. لا أقول ذلك تحيّزاً أو عن ميل أو عصبية، إنما أجزم بأن كل منصف يحترم عقله ويقرأ الأمور بحقائقها لن يصل إلى خلاف النتيجة المذكورة.
إذا أراد وزير العمل أن يصالح بين الطرفين عليه أن يتنبّه أولاً أن هنالك ضيماً يجب أن يُرفع، وقع على قيادات الاتحاد العام، إساءةً وتشهيراً، لم يجد من الحكومة من يلجمه حتى الآن.
جريدة الوسط – العدد  ٤١٤٥  – يوم الأحد  الموافق  ١٢  يناير  ٢٠١٤،  الموافق  ١٠ ربيع الأول ١٤٣٥ه
اتحادين

Image Gallery