مُهندسا طيران يقودهما شبح البطالة للعمل بمطبخ

بني جمرة – علي المحافظة

«بالصبر والتكاتف يتحقق الطموح»، بهذه الكلمات ختم الشابان عبدالله وابن عمه علي المدوب حديثهما مع «الوسط» عن تجربتهما مع التوظيف، فمنذ أن أنهيا دراستهما في هندسة الطيران قررا عدم الاستسلام إلى شبح البطالة، فقاما بالعمل في مطبخ والد عبدالله، ولم يتوقفا عند هذا الحد، بل دفعهما الأمل والطموح إلى افتتاح شركتهما الخاصة.

«الوسط» التقتهما وأجرت معهما حواراً لتسليط الضوء على تجربتهما، هذا نصه:

حدثانا عن سبب اختياركما تخصص هندسة الطيران؟

– قبل التخرج في الثانوية الصناعية كنا ثلاثة أشخاص نتدارس المجال الذي سنتخصص فيه بعد التخرج، فاستهوانا تخصص هندسة الطيران بقسم الميكانيكا؛ لأنه أكثر شمولية، وفرص العمل فيه أكثر.

وشجعنا على ذلك أكثر من عامل، كالألعاب والكتب والبحث في الانترنت، وكان طموحنا أن ندرس في بريطانيا، لكن وضعنا المادي لم يكن مؤاتياً، وعندما فتح المجال للدراسة في مركز باس لتدريب هندسة الطيران في العام 2006 قمنا بالانضمام إلى هذا المركز.

ما الذي منعكما من الحصول على وظيفة في الطيران إلى الآن؟

– كانت هناك وعود كثيرة لنا بالتوظيف، فقبل أن نتخرج كنا نعمل لمدة 12 ساعة متواصلة من دون راتب، فقد كنا نتدرب في شركتين، الأولى كان العمل فيها ضمن فصول التدريب العملي، والثانية كانت بمجهود شخصي، فتدربنا مع شركة سويسرية من أفضل شركات العالم في هندسة الطيران، وبعدها مع شركة سنغافورية، بالإضافة إلى فصول التدريب العملي في شركة طيران الخليج.

الجميع عندما يرى جديتك وإبداعك في وقت العمل يقدم إليك الوعود بالتوظيف على طبق من ذهب، لدرجة أنهم يطلبوننا بالاسم للقيام ببعض الأعمال الصعبة التي يحصل الموظف على القيام بها استحقاق 30 ساعة إضافية، أما نحن فلم نرَ غير الوعود حتى انتهاء فترة تدريبنا.

أما زلتما مستمرين في البحث عن وظيفة؟

– نعم، لانزال نبحث بشكل مستمر، ونقوم بالتقديم في شركات كثيرة، فنحن نتعاون من أجل الحصول على وظيفة في المجال الميكانيكي على الأقل، ففي البحرين وزارة العمل لا تعترف بهذه الشهادة، على رغم ان هذه الشهادة في بريطانيا تعتبر بكالوريوس، بينما في البحرين لا يعترفون بها كشهادة جامعية، حتى دبلوم على أقل تقدير.

ما الذي دفعكما إلى العمل في المطبخ؟

– بعد أن أغلقت أمامنا جميع الأبواب، قمنا بالعمل مع «أبو عبدالله» في المطبخ، فتعلمنا العمل من خلال الممارسة وعملنا على تطوير قدراتنا في الطبخ، واستطعنا تطوير أمور كثيرة في المطبخ، فأحببنا العمل وأبدعنا فيه.

ما هي الأمور التي ساهمتم بتطويرها في المطبخ؟

– قمنا مثلا بعمل تمويل خارجي، وإقامة بوفيهات وتأجير طاولات للحفلات الخاصة، كذلك طورنا من ديكور البوفيه، وقمنا بشراء معدات جديدة للبوفيه، كما قمنا بالذهاب إلى معارض وزيارات لدول أخرى مثل الصين والإمارات والسعودية للاستفادة من خبرات الآخرين، كذلك نحرص على الذهاب إلى معارض خاصة بالبوفيهات والمواد الغذائية والتموين.

وماذا عن الوجبات التي تقدمونها؟

– مطعمنا شامل، يحتوي على المعجنات والسندويتشات والمشويات، أما المطبخ فنقوم بعمل وجبات بنظام الطلبيات، من ناحية التطوير أدخلنا الأكلات الهندية، والأكلات الصينية التي يرغب الزبون أن يراها داخل البوفيه من سلطة وحلويات، كما قمنا أيضاً بدراسة دورات في صنع الحلويات.

هل لديكما أعمال أخرى غير المطبخ؟

– نعم، حبنا للعمل في المطبخ دفعنا نحو أعمال أخرى تخص المواد الغذائية، فقمنا بافتتاح شركة تعمل على استيراد وتصدير وتسويق المواد الغذائية.

حدثانا أكثر عن هذا المشروع؟

– هي شركة استيراد وتصدير وتسويق المواد الغذائية باسم «تايم فود للتجارة»، فعبدالله يعمل في الصباح مع والده في المطبخ، وفي فترة العصر كلانا نعمل في الشركة، بدأنا العمل منذ ثلاث سنوات برأس مال محدود جدّاً، و لله الحمد استطعنا النهوض بأنفسنا وبفضل الدعم المعنوي من بعض المخلصين، والآن أصبح لدينا مكتب خاص بنا.

لو عرضت عليكما الآن وظيفة في الطيران هل ستقبلان بها؟

– بالتأكيد، ولذلك نعمل الآن على بناء إدارة قوية للشركة حتى نكون قادرين على التوفيق ما بين الشركة والوظيفة الجديدة، نحن لدينا الآن ما يقارب من تسعة موظفين، ونعمل على أساس كما لو أننا في العام المقبل حصلنا على وظيفة، لذلك نسعى إلى الانتهاء بأقل وقت ممكن من ضبط وضع الشركة.

ألا يكفيكما المطعم والشركة؟

– القضية ليست قضية دخل مادي، وعلى سبيل المثال لو نحصل على وظيفة في مجال الطيران براتب 200 دينار فقط فسنوافق، ما تعلمناه في الطيران أكثر مما تعلمناه في المطبخ، عملنا في المطبخ محدود وزبائنك معروفون، أما الطيران فهو مجال واسع وسيتيح أمامك التزود بالخبرات من مختلف دول العالم، وتعلم الأمور الجديدة كل يوم، كما أنك ستتعامل مع أشخاص من مختلف الجنسيات، وستستفيد من خبرات الإدارة والعمل الجماعي.

هل تفكران في مشروع يخص مجال الطيران؟

– لدينا مشروع مرسوم لو نقوم بتنفيذه في البحرين فإنه سيتيح لكل فرد التعرف على ثقافة الطيران، فلو نتكلم مع أي شخص في البحرين عن الطيران ترى أن معرفته محدودة جدا بهذا المجال، أما لو تذهب إلى الكويت فأطفالهم يعرفون ما يعني الطيران، فلديهم منطقة ترفيهية كلها عن كيفية عمل الطائرة والتعامل معها.

كيف ستنفذون هذا المشروع، عبر المدارس مثلاً؟

– كلا، ننفذه في مكان خاص عبر إعطاء الدورات، ففي مجال الطيران مثلاً هناك بعض الأمور يدرسها الطالب نظريّاً، إلا أنه في الجانب العملي يجد اختلافاً عما تعلمه نظريّاً.

و ما هو دوركما كمهندسي طيران؟

– دور المهندس كبير، مثلاً لو كانت هناك رحلة فإنه يجب على المهندس التواجد لمعالجة الخلل الممكن حدوثه أثناء سير الرحلة، فلا بد أن يكون المهندس في قلب الحدث، المتعة في الطيران أنه علم واسع، وهذا ما يدفعنا إلى الإصرار عليه، فالطيران طموح، حتى أننا نشتري برامج تصل إلى 300 دينار تقريباً.

لماذا لا تدرسون في الخارج؟

– ذهبنا إلى الخارج وتعلمنا، مثلا في دولة الكويت، لكن المشكلة لا يمكنك تطبيق ما تعلمته في البحرين، غرفة القيادة ممنوع على أي أحد أن يدخلها، وهنا تكمن وظيفة المهندس، يسمح لك بالدخول في الطائرة الحقيقية لكنه لا يسمح لك بالدخول إلى غرفة القيادة، المتدربون إلى الوقت لا يعرفون تشغيل محرك طائرة، أو أنهم يشغلونها لسرعة معينة فقط.

بماذا تنصحون الشباب الذين لا يجدون مجالاً وظيفيّاً في تخصصهم بعد التخرج؟

– ننصح الشباب بعدم اليأس، فنحن فتحنا شركتنا برأس مال بسيط، عملنا دراسة جدوى ودرسناها لأشهر، أشخاص قدموا إلينا دعماً معنويّاً، ونحن أيضا نهضنا بأنفسنا، نحن بدأنا في دكان صغير جدّاً بإيجار 80 ديناراً، أما الآن فلدينا مكتب متكامل في توبلي.

كما ننصح الشباب بالبحث عن عمل حتى خارج مجال تخصصهم، فالحياة لا تقف عند مستوى معين، نقول للشباب تكاتفوا، عندما نتكاتف ننجز العمل، نحن مثلاً في المستوى المادي نفسه، تكاتفنا مع بعضنا وفتحنا هذا المشروع، رضينا بالقليل والحمد لله حصلنا الكثير، واجهنا الكثير من الصعوبات، لكن بالصبر والتكاتف يتحقق الطموح.

جريدة الوسط  –  العدد 4074  –  السبت 02 نوفمبر 2013م الموافق 28 ذي الحجة 1434هـ

http://www.alwasatnews.com/4074/news/read/824597/1.html

 

Image Gallery