من سيطوّر سوق العمل.. المثل البريطاني

أحمد العبيدلي

 وظائف كثيرة يوفرها سوق العمل البحريني، والخليجي أيضا، قد عفا عليها الزمن منذ وقت طويل. ولكن سوق العمل لدينا تحكمه اعتبارات كثيرة ليست كلها اقتصادية، وبعض آلياته معطلة. والعجيب أن وظائف يدوية عديدة لا يعمل بها إلا بحرينيون قليلون. ولربما كانت الحالة أسوأ بدول خليجية.

 وللاستفادة من حالات مشابهة يُذكر أن قطار الأنفاق البريطاني قد أعلن خطة نشرتها الجارديان البريطانية، لتطوير شبكة المواصلات تلك والتي تضم أحد عشر خطاً وتنتشر على 400 كيلومتر. ويعمل قطار المترو البريطاني، وهو الأقدم في العالم، منذ عام 1863.

تتضمن الخطة الجديدة وضع الشبكة في قلب القرن الواحد والعشرين، وتحديداً سيتم تسيير بعض الخطوط على مدار الساعة، وجعل خدمات قطع التذاكر آلية بالكامل وسينتشر الاتصال اللاسلكي (الواي فاي) في جميع المحطات. وتستهدف الخطوة الأخيرة تحويل القطارات لأماكن عمل بدل أن تكون أداة توصيل بين مقرات العمل واستخدام الوقت الضائع لإنتاجية أكبر.

ستؤدي الخطة إلى إنهاء 750 وظيفة. وعند هذه الخطوة ينتهي التأييد العارم لتطوير الشبكة العجوز، ويبدأ الاختلاف والنزاع حول إدخال النظم الجديدة واعتماد الخدمات الآلية والاستغناء عن عاملين خلف شبابيك التذاكر. ولن تنتفي الحاجة تماماً إلى التدخل البشري في صرف التذاكر، ولكن سيضحي الأمر منوطاً بمن يحتاج إلى تلك الخدمة وسيقدمها ضباط مساعدة يتجولون في المحطات ويقدمون مساعدة لمن يريدها وفي المجال المعني. وستوفر الخطة الجديدة 443 مليون دولار، ستستخدم في التحديث، وتقول الشركة المسيرة: إن العمالة المفصولة ستجد وظائف في خطط التوسعة، وإن الخطة ستمشي قدماً، والاستغناء عن الوظائف على رأس جدول الأعمال.

 أما في الخليج، وعندنا البحرين مثلاً، فالقليل من الشركات تسأل عن مثل تلك التطويرات. وتأتي الشركات العامة وهي الأكبر حجماً والأكثر توظيفاً، لتقدم رجلاً وتؤخر أخرى، حين تبحث في المبادرة للتغيير. فهي تنتظر الأمور لتحدث كما تحدث وحينما تحدث. ولدينا في قطاع المصارف مثلاً، حيث لم تقدم أي مؤسسة مصرفية على مراجعة أمورها الداخلية وإنتاجيتها ومدى تخلف آلياتها، إلا بعد أن طاح الفاس في الراس، وحدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008

اللافت للانتباه أن حالات كثيرة من الأعمال المكتظة توفر لأجانب.
وبشيء من الجرأة وبكثير من التقدم يمكن إحداث تغيير بأقل قدر من المخاض وآلام الولادة. وفي الحقيقة أن أكثر ما تنتشر العمالة المُقنّعة هي في مؤسسات خدمية، حيث يصر مواطنون على الاستفادة من خدمات بأسعار قليلة (حتى الآن) وتقدمها عمالة خارجية من دون حاجة إلى مهارات مكتسبة كبيرة. ولا يجب أن يؤخذ ذلك كله أنه يستبعد وجود مؤسسات بها اكتظاظ كبير بعمالة بحرينية. ولكن ينبغي إيجاد آلية لاكتشاف كيف يمكن مراجعة الإنتاجية بها دورياً ومبكراً ليترابط استخدام التقنيات الجديدة مع تأهيل من سيجري الاستغناء عنهم مسبقاً بدل لاحقا، وحين تتعقد أمور.

 http://www.akhbar-alkhaleej.com/13038/article_touch/59859.html

جريدة أخبار الخليج – العدد : 13038 – الثلاثاء 3 ديسمبر ٢٠١٣ م، الموافق 29 محرم ١٤٣٥ هـ

 

Image Gallery