ليست مجرد امرأة

 

سوسن دهنيم …
ليست مجرد أم، والأم لا يمكن أن تكون مجردة؛ لعظم ما تقوم به، ولا مجرد زوجة، وهي التي تعتبر الزوج طفلاً أولاً لها بعد الزواج فترعاه وتغدق عليه الحب والحنان، ولا مجرد أخت وهي التي تمارس أمومتها الأولى قبل الزواج على اخوتها فتكون لهم عوناً ونصيراً، ولا مجرد ابنة وهي التي ترعى والديها عند الكبر وتحاول أن تكون كأمها في شئون البيت، ولا مجرد عاملة أو موظفة وهي التي لابد أن تكون إلى جانب كونها كذلك إحدى تلك النساء السابقات الذكر.
المرأة اليوم ليست مجرد امرأة لا حول ولا قوة لها كما يُرَوَّج لها في بعض المجتمعات؛ فهي باتت تشكل ركيزة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها أبداً في الحياة الاجتماعية والعملية والسياسية والثقافية والرياضية، وما شهدناه من وصول سيدات من مختلف الدول والثقافات لمراكز عليا على مستوى العالم خير دليل على قدراتها إن لم نشأ الاعتراف بما تقوم به النساء في محيطنا، وما يدعو للاستغراب هو الحال التي مازالت تعانيه المرأة في بعض الدول؛ فهي مازالت في بعض الدول تناضل كي يُسْمَح لها بالانتظام في التعليم، وفي دولة أخرى تبحث عمن يأخذ بيدها ليسنَّ قانوناً يسمح لها بالسواقة بعد أن مُنِعَتْ عنها بحجة كونها «فتنة»، وفي قبائل أخرى تهرب من ذويها لأنهم قرروا تزويجها في التاسعة من رجل في التسعين، بينما تُقْتَل في مجتمعات لأنها تحدثت مع رجل فظُن بأنها باعت شرفها!
المرأة اليوم مازالت تعاني كما الجاهلية في بعض المجتمعات ومازالت توأد حية من غير أن ينطبق عليها فعل الموت الفسيولوجي، ومن غير أن تستخرج لها شهادة وفاة، فهي في بعض البيوت خادمة وأقل؛ نسي زوجها وجودها إلا حين يشغلها مرضٌ عن وضع كأس الماء أمامه عند عودته من العمل، وفي بيوت أخرى قد تكون مربية لا ينتبه لها زوجها إلا حين يعود للمنزل قبل أن تحمم أحد أطفالها حين يريد أن يأخذه في نزهة قصيرة لأن أصدقاءه قرروا أخذ أولادهم معهم، في حين يتذكرها الزوج في بيوت أخرى حين يحتاج لجسد! ولا يعني هذا بالطبع أن جميع الرجال سواء أبدا؛ فهناك من يكاد يسجد للمرأة تكريماً وإجلالاً وحباً.
الظلم الواقع على المرأة لا يقتصر على المنزل فقط، فهي مازالت في بعض الشركات والمؤسسات الرسمية والأهلية ممنوعة من أن تكون في منصبٍ قياديٍّ أعلى؛ باعتبارها «ناقصة عقل» أو «حرمة» لا يجب أن تترأس اجتماعات الرجال أو تتأخر في العودة إلى منزلها حتى وإن كان زوجها أو ولي أمرها راضيا بذلك. وفي بعض الدول مازالت مشاركة المرأة في العمل السياسي محرمة وممنوعة باعتبارها لا تملك من أمرها شيئاً.
اليوم ونحن نشهد كل ما حققته المرأة في الألفية الثالثة، صار من المخجل أن نكرر ما كان يقال منذ صدر الإسلام في الجزيرة العربية وما كان يقال قبله في الحضارات الأخرى حول حقوق المرأة، ولكننا مضطرون لأن نقول في يوم المرأة العالمي الذي يصادف اليوم: حرروا المرأة واعطوها حقوقها كي تحرروا المجتمع؛ فامرأة ضعيفة لا يمكن لها أن تربي رجالاً أحراراً، والبلاد التي لا تمتلك الأحرار من الرجال لا يمكن لها أن تكون حرة أبداً.
جريدة الوسط – العدد  ٤٢٠٠ – يوم السبت الموافق  ٨  مارس  ٢٠١٤

Image Gallery