لطفي نصر
الحقيقة التي لا مراء فيها أن مجلس النواب يقوم بدور كبير.. رئيسي ومهم.. في تصحيح مسيرة التشريع على أرض البحرين.. بل إنه يأخذ المبادرة في معظم الأحوال في هذه المهمة الكبيرة من خلال آلية الاقتراحات بقوانين. الجدير بالذكر أن مجلس النواب لا يقوم بالمهمة كلها من دون غيره، فالحكومة تبادر بالتقدم بمشاريع القوانين إلى السلطة التشريعية وبشكل رئيسي أيضا.. لكن يبقى أن مجلس النواب عندما يقوم بهذه المهمة فإنه يثريها ويؤصلها ويعمقها، حيث إنه في معظم الأحوال يكون المجلس قد قدمها من خلال نوابه الأفاضل، ويكون وهو يتقدم باقتراح بقانون قد جاء بما يطلبه الشعب ويعبر عن رغباته وأمانيه ونبضه من خلال الحوارات الدائمة بين السادة النواب والناخبين في الدوائر المختلفة.
أرى هذا الذي عبرت عنه يتجسد في المشروع بقانون الذي يبحثه مجلس النواب اليوم بشأن تعديل المادة الرابعة من القانون رقم 3 لسنة 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.
وهذا المشروع بقانون أعدته الحكومة بناء على اقتراح بقانون تقدم به السادة النواب.. وهو في مجمله يضع نظاما جديدا لكيفية اختيار أعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.. وعلى وجه الخصوص يتضمن هذا المشروع بقانون تعديلا للجهة التي تتولى ترشيح الأعضاء الذين يمثلون العاملين في القطاع الأهلي، بعد ان كانت محصورة في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.. حيث جاء هذا التعديل متماشيا مع المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2002 الذي سمح بإنشاء أكثر من اتحاد نقابي.
من وجهة نظري أن هذا المشروع بقانون الذي جاء بمبادرة من مجلس النواب قد تأخر اللجوء إليه أو إصداره كثيرا، وذلك من خلال تركه الساحة لبعض الألاعيب والإساءة إلى الوطن.
هذا القانون لازم جدا لضبط الأمور.. وإعمال ميزان العدالة والمساواة.. فبعد صدور التعديلات على قانون النقابات العمالية في عام 2011 الذي يسمح بالتعددية وإنشاء أكثر من اتحاد نقابي، لا يجوز بأي حال من الأحوال انفراد الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين باختيار وترشيح ممثلي العمال في مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.. وخاصة مع وجود الاتحاد الوطني الحر لنقابات عمال البحرين الذي يقف مع الاتحاد الآخر على قدم المساواة في كل شيء.. وإن كان الاتحاد الحر قد عودنا على إعلان وممارسة تطبيق مبادئ وطنية خالصة.. والالتفات إلى المصالح الوطنية والعمالية بعيدا عن أي ممارسات سياسية.. أو عدوانية، أو كيدية.. وهذا هو ما أبداه هذا الاتحاد الصاعد حتى الآن على أقل تقدير.
والعدالة تقتضي توحيد الجهة التي تختار ممثلي الجهات التي لها علاقة بالقطاع العمالي: الحكومة.. أصحاب العمل.. العمال في جهة واحدة.. وهي – ولا جهة غيرها – مجلس الوزراء الموقر.. وعدم ترك رؤساء هذه الجهات لاختيار أنفسهم لهذه المجالس كما حدث.
والحقيقة أن ما حدث في الماضي ومن خلال أسلوب اختيار ممثلي العمال للمجالس المختلفة.. كان يبعث على الاستفزاز والانحراف بعدالة الاختيار.. ناهيك عما ترتب على هذا الانحراف في الاختيار حيث الاستماتة في تسييس هذه المجالس أحيانا.. وطأفنتها أحيانا أخرى.. ونقل أسرار هذه المجالس في أحيان ثالثة لنفاجأ جميعا بنشر أسرار هذه المجالس على صدر الصفحات الأولى في بعض الصحف الأمر الذي تسبب في الإخلال والارتباك في المسيرة بصفة عامة !
لذا أطالب بالتصويت على هذا المشروع بقانون المعروض على جلسة مجلس النواب صباح اليوم بالموافقة بالاجماع تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشورى، ورفعه إلى جلالة الملك لاستصداره على وجه السرعة لسد فراغ تشريعي يشكل خطورة غير مستحبة.. بل وضرر بالغ بالمجتمع.
«تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي» هذا الأوبريت القصير الهادف.. الذي يحتل العمل الفني الوطني رقم (1) الآن على الصعيد العربي كله منذ إذاعته للمرة الأولى بعد الثالث من يوليو 2013.. وبينما يشعر الأغلبية العظمى بالبهجة والانشراح والحماس الوطني يملؤهم عند سماعه.. فإن الإخوان المسلمين من أنصار الرئيس المعزول يصابون بالهياج والقشعريرة والأرتكاريا عند سماعه.. ومن فضل الله أن هذا الأوبريت يمكن سماعه كل خمس دقائق في إذاعات وقنوات مختلفة ليبتهج المبتهجون.. وليموت المغتاظون بغيظهم..!
عندما زرت القاهرة مؤخرا علمت أن أنصار الرئيس المعزول يحاولون شل حركة مترو القاهرة الكبرى الذي ينقل الملايين من البشر يوميا من خلال التوجه إلى المحطات وملء جميع العربات.. وعدم ترك أي فرصة للشعب لاستخدام هذا المترو الذي يكون الاعتماد عليه.. ليختنق وتتأزم المواصلات العامة.. فيحنّ الجميع بالرجوع إلى مرسي!
أردت أن أعايش هذه التجربة.. فركبت المترو من محطة جمال عبدالناصر من عند دار القضاء العالي وحتى المعادي.. فوجئت أن أعداد كبيرة من الركاب في كل عربة يفتحون أجهزة التسجيل الصغيرة على نشيد «تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي» بأعلى صوت لها.. بعضهم يضعها في جيبه.. والبعض الآخر يضعها في أكياس الأغراض التي يحملها في يده.. الأمر الذي يجعل النشيد مسموعا بقوة في عربات القطار بأكمله وهذا أدى إلى حدوث غليان وهياج لدى جميع المؤيدين للإخوان الذين كانوا يحتلون المقاعد بأكملها.. وقد قاموا يفتشون عن مصدر هذا النشيد من دون جدوى.. فكانوا يتسربون من القطار في كل محطة كمداً وغيظاً.. وقد سمعت أن هذه الوسيلة قد أسهمت في إفشال مخطط الإخوان في شل حركة مترو القاهرة.
تذكرت هذا الذي عايشته عند زيارتي الأخيرة للقاهرة وأنا أستمع إلى ما تم بثه حول جلسة محاكمة الرئيس المعزول بالأمس.. وتمنيت لو كان قد تمت إذاعة نشيد «تسلم الأيادي» أثناء الجلسة أو على الأقل في بدايتها وفي نهايتها لتخرس الأصوات المستنكرة التي ترددت خلال الجلسة ومنها «يسقط يسقط حكم العسكر»!
http://www.akhbar-alkhaleej.com/13010/article_touch/55036.html
جريدة أخبار الخليج – العدد : ١٣٠١٠ – الثلاثاء ٥ نوفمبر ٢٠١٣ م، الموافق ٢ محرم ١٤٣٥ هـ