رملة عبد الحميد … .
يقال إن كفاح المرأة كفاح أمّة، لأنه مرهون بالتغيير، لذا جاءت احتفالية الثامن من مارس/ آذار لأنه تاريخ قورن بكفاح امرأة. لكن هذا اليوم وغيره من الأيام الاحتجاجية العالمية لم يعد له ذلك الحس النضالي، إذ ينتهي بمسيرة ناعمة أو أمسية تكريمية لنساء شابت شعورهن وبانت تقاطيعهن هرماً بحديث حرية المرأة وحقوقها، فهل هذا تباشير بأفول يوم المرأة؟
إذ يتحوّل إلى يوم احتفالي فقط، يصبح الحديث فيه من زخرف القول، ومعه تصبح قضايا المرأة قضايا مكررة ومملة، ويصبح الاحتفال فيها نوعاً من الرسميات والوفاء لمن نعتقد أنهم أسدوا خدمات للمرأة، وهل الجيل الجديد من فتياتنا مقتنعٌ بهذه ذكرى؟ بل هل يحمل اندفاعاً وإيماناً وحماسةً بقضايا المرأة، أم لديه قناعات أخرى سيعبر عنها يوماً؟
لم يبقَ لتاريخ الذكرى أثر على الأجيال، ربما لبعدها التاريخي، أو ربما لم يلتمسوا من إعادتها أي تأثير، أو نظراً لتغيّر الاتجاهات والأفكار والقيم، أو لم تعد تلك الشخصيات النسائية المناضلة في عالم المرأة لها واقع على المجتمع النسائي الشاب، أم وفقاً لما تشير الصحافية سليمة المغربية (45 سنة: «يظل أي اهتمام بالمرأة وحقوقها غارقاً في سبات عميق… وينهض فجأةً في 8 مارس من كل سنة! الذي تحوّل بفعل التطورات التي يعرفها المجتمع إلى نكرة، لا لون لها. مسيرة أو ندوة أو مناظرة أو مقالة على هامش جريدة أو صفحة الكترونية… هل هي كافية لإحداث تغييرات في وضعية المرأة المهمّشة المستغلة في ظلّ الرأسمالية، العولمة، التي تلتهم أي شيء في سبيل تطورها وربحها الدائم..».
يوم الثامن من مارس، ذلك اليوم الذي يراه الكثيرون يوماً خاصاً للحديث عن تاريخ المرأة وكفاحها، نراه يوماً مناسباً للحديث عن معاناة المرأة البحرينية، فهي لا تزال تعيش أزمتي المكانة والدور، لكن هل المرأة البحرينية في 8 مارس ينقصها احتفال أو إشارة أو عرض تاريخي لانجازاتها؟ وهل تحتاج إلى تذكيرٍ في كل مرة بإبداعاتها في كل المجالات ومساهماتها المتميزة على جميع الأصعدة؟ وهل تحتاج المرأة البحرينية في هذا التاريخ من يكرّمها بوردةٍ أو شهادةٍ بمجهوداتها التي ما سعت إليها إلا إيماناً منها بحجم المسئولية وانطلاقاً من واجبها الوطني؟
وهل تحتاج المرأة البحرينية في الثامن من مارس، لمن ينوب عنها بكلمات إطراء أو تعهد بمواصلة مسيرة العطاء والتغيير؟ المرأة البحرينية هي أكبر من ذلك كله، هي من تحوي الوطن ولا يحتويها، ولكن ماذا تبقى للمرأة البحرينية في يوم المرأة؟
هي من تكابد الألم والسعي للثبات والنقش على الصخر بروحٍ ملؤها التفاني والأمل بمستقبل واعد. اليوم المرأة في البحرين تعاني من أمرين، أولهما أن جزءاً كبيراً من نساء البحرين ذوات طاقات كبيرة، مهمشٌ على جميع الأصعدة بسبب المواقف السياسية والتباين في الرؤى؛ وثانيهما إنها مازالت لم تستطع أن تتقدّم الصفوف، فلم تكن قائداً ولم تسعَ دائماً لأن تكون في الصف الثاني والثالث؟ وإن تقدمت تكون على مستوى النسوة؟ هل مازالت تنقصها المقدرة أم الجرأة؟
مشكلة المرأة أن رهنت تقدمها بمدى نجاحها بإقناع الرجل بمقدرة المرأة في صنع القرار لكي يقدّمها على نفسه، لكنها خسرت الرهان. فالحلّ يكمن في فرض واقعٍ جديدٍ بروح القدرة وزمن التغيير على أن تتحمل المرأة أثره، سواءً كان بالسلب أو بالإيجاب.
جريدة الوسط – العدد ٤٢٠١ – يوم الأحد الموافق ٩ مارس ٢٠١٤