عاطلو «التربية» وعذاري الجديدة

سوسن دهنيم …
العاطلون عن العمل من خريجي التربية البحرينيين كثيرون، بعضهم وصلت سنوات بطالتهم إلى عشر سنوات، وبعضهم اضطر للعمل في القطاع الخاص براتب لا يتناسب مع شهادته العليا، في الوقت الذي مازالت فيه طلبات التوظيف توزع على دول الجوار للعمل في مدارس الوزارة، وكأننا لا نملك كفاءات بحرينية تنتظر تفعيل واستثمار ما درسته لسنوات طوال.
الأمر هذا ليس جديداً على المجتمع المحلي، فليس تلك الأخبار المنشورة في الصحافة العربية عن وجود شواغر في البحرين وحدها التي تشير إلى هذا الوضع، بل المدارس التي تستقبل المعلمين من جنسيات أخرى بين فترة وأخرى تشير إليه أيضاً، ولهذا فإن الكتابة فيه ما هي إلا تذكير «للعم الأصمخ» الذي لا يريد سماع أصوات غيره؛ فالخريجون اعتادوا على الكتابة بأنفسهم في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، ولجأوا لغيرهم من الصحافيين للكتابة عن طول انتظارهم، واعتصموا أمام مبنى الوزارة وبالقرب من ديوان الخدمة المدنية، ولكن مازال الأمر قائماً وسيبقى، مادام المسئولون معجبين بصممهم.
كنا في السابق نحتاج للكفاءات من الدول العربية الأخرى لقلة الخريجين من المتخصصين، ولكننا اليوم نمتلك أعداداً من المؤهلين تفوق بكثير الأرقام التي تطلبها الوزارة للتوظيف لمختلف التخصصات في الصحف العربية والتي لا تخفى على أحد في ظل وجود مواقع تلك الصحف على شبكة الإنترنت.
لسنا ضد استقدام الكفاءات حين تحتاجهم البلاد، ولكننا بالطبع سنكون ضد هذا التوجه حين يتعلق الأمر بظلم أفراد الشعب من المواطنين الذين قضوا سنوات طويلة في الدراسة، وصرف عليهم ذووهم مبالغ كانوا في أمسِّ الحاجة إليها أحياناً، من أجل حصولهم على شهادة تخدمهم في مستقبلهم وتخدم المجتمع؛ ومَنْ غير ابن الأرض سيكون قادراً على خدمتها بكل ما أوتي من علم وجهد وعقل وقلب؟
فالبحريني قادر على التعامل مع الطلاب بنفس ما تتطلبه بيئتهم، وهو قادر على شرح الصعب من المواضيع بلهجة يفهمها الطالب، فلا يسأل عن معنى هذه الكلمة أو تلك من الكلمات التي تختص بلهجة دولة المعلم العربي الذي سيحتاج لوقت طويل كي يتعلم اللهجة البحرينية، فهو ليس ابن هذه البيئة، ولا ابن المجتمع، أو ابن هذه العادات والتقاليد التي قد لا تتواجد في تلك الدول وبالتالي ستكون ثقافته مختلفة عن ثقافة أبنائنا.
وأخيراً لابد من التذكير بأن الطوابير التي تنتظر دورها في التوظيف طويلة، فلماذا يا سعادة الوزير تغض طرفك عنها وتصمّ أذنك كي لا تسمع شكاواها، وتوزّع الوظائف لأبناء الجنسيات الأخرى وكأنك عذاري التي لا تسقي القريب؟
جريدة الوسط – العدد  ٤٢٠٢ – يوم الأثنين الموافق  ١٠  مارس  ٢٠١٤

Image Gallery