وجّه الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين رسالة مفتوحة أطلق عليها رسالة «ضمير البحرين» إلى القيادة السياسية وإلى الرأي العام، ذكر فيها أنه «بعد مرور أكثر من عامين على موجة الفصل، لا يزال هناك على الأقل 15 في المئة من هؤلاء المفصولين لم يعودوا إلى أعمالهم في القطاعين».
كما تحدث الخطاب عن «انتهاك الحقوق النقابية»، إذ أشار إلى «تعطيل الحوار الاجتماعي الحقيقي المفضي إلى حلول ناجعة للمشكلات التي يواجهها العمال».
وأشار الاتحاد العام للنقابات إلى أنه يمد يديه من أجل حوار جاد وحقيقي يفضي إلى حلول دائمة تضمن علاقات إنتاج مستقرة ومزدهرة بين أطراف الإنتاج، عبر حل موضوع من تبقى من المئات من المفصولين، معالجة أوضاع الانتهاكات الخاصة بهم، وقف الاستهداف ضد النقابيين، وقف التمييز في العمل النقابي بين منظمة وأخرى طالما أعلنت الحكومة أنها ارتضت التعددية النقابية خياراً.
رسالة مفتوحة إلى القيادة السياسية والرأي العام متضمنة حلولاً مقترحة
«اتحاد النقابات» يستعرض في «ضمير البحرين» مشكلات العمال ويشكو تهميشه
العدلية – الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
توجه الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين برسالة مفتوحة أطلق عليها رسالة «ضمير البحرين» إلى القيادة السياسية وإلى الرأي العام، بين فيها رؤيته للمشكلات والمعوقات والحلول بعد مضي أكثر من سنتين على انطلاق موجة الفصل الاستهدافي من العمل وبقاء الملف مفتوحاً حتى اليوم على رغم الجهود المشكورة التي لا تنكر في حل أجزاء من الملف.
وقال الاتحاد العام إنه عبر من خلال هذه الرسالة المفتوحة عن تشخيص لماهية المشكلات والمعوقات ثم اقترح الحلول «لتكون هذه الرسالة مشروع حوار يصل بنا إلى الغاية المنشودة، وهي حل ملف المفصولين على خلفية أحداث 2011 وتداعياتها ومعالجة كل ما نتج عن الأزمة على الصعيد العمالي والنقابي».
وابتدأ تشخيص ماهية المشكلات والمعوقات
وهي كالتالي:
أولاً – موضوع المفصولين: فبعد مرور أكثر من عامين على موجة الفصل الاستهدافي المكارثي الذي تم على أساس الرأي والتعبير والاعتقاد، لايزال هناك على الأقل 15 في المئة من هؤلاء المفصولين لم يعودوا إلى أعمالهم في القطاع الحكومي والقطاع الخاص العام (الشركات الكبرى المملوكة للحكومة) والبقية من القطاع الخاص، حيث في هذا القطاع الأخير هناك أنشطة تساوي فيها نسبة الإرجاع صفر في المئة وهي الصحافة والفندقة والمصارف.
وأضاف أنه بالنسبة إلى من عادوا فعلاً فإن الكثير منهم يعانون الأمرّين من حرمانهم من حقوقهم في التقدم الوظيفي والمكانة الوظيفية بمخالفة صريحة للتوجيهات الملكية ولتعليمات نائب رئيس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة في رسالته إلى الشركات الكبرى ومؤسسات القطاع العام باسم فريق العمل الحكومي المعني تنفيذ توصيات بسيوني والمؤرخة في (12 يناير/ كانون الثاني 2012)، حيث لايزال العديد من المفصولين المرجعين في القطاع الحكومي والشركات الكبرى يعاملون بالتهميش والتمييز ضدهم والتعسف وممارسة التطفيش لإكراههم على ترك العمل.
وأردف «مع أن الاتحاد العام أقر مع أطراف الإنتاج في الاتفاقية الثلاثية الموقعة في (11 مارس/ آذار 2012) مبدأ البحث عن وظائف لمن لا يمكن إرجاعهم في القطاع الخاص على أن يؤخذ في الوظائف الجديدة في الاعتبار بحسب نص الاتفاقية خبراتهم ووظائفهم السابقة، فإن هؤلاء الذين حصلوا على وظائف بديلة سرعان ما يعاد فصلهم أو يضطرون إلى ترك العمل بسبب الفارق الكبير في الرواتب والوضع الوظيفي قياساً بوظائفهم السابقة».
وأشار إلى الادعاءات التي كانت تساق ضد الاتحاد العام بأنه يبالغ ويسيس الأرقام ويتلاعب بالحقائق في موضوع المفصولين، لافتاً إلى أنه وافق مع الوزارة (العمل) على أن يكون هناك تسجيل مركزي للمفصولين تقوم به اللجنة الثلاثية من خلال إعلان تتم به دعوة كل من فصلوا على خلفية أحداث 2011 وتداعياتها للتسجيل، مبيناً أن هذا الاتفاق لم يرَ النور، مستدركاً بأن «كل تشكيك في أرقام الاتحاد العام اليوم هو الذي ينطبق عليه التسييس والمبالغة والطعن في الاتحاد العام وليس العكس، وذلك بعد أن أبدى الاتحاد العام منذ نحو ثلاثة أشهر استعداده طوعاً لتكون الحقائق على الأرض هي الكلمة الفصل في موضوع الأرقام، وأبدى استعداده لتقبل نتائج التسجيل وفقاً للمعايير التي أقرتها اللجنة الثلاثية».
وتطرق إلى الشكوى الموجودة في منظمة العمل الدولية التي ستكون محل نظر مجلس إدارة المنظمة في دورته 319 في أكتوبر/ تشرين الأول2013، مشيراً إلى أن «الاتحاد العام قدم المبادرة تلو المبادرة التي تتضمن غلق الملف عبر اتفاق ملزم للأطراف ينصف المفصولين ويؤدي جميع حقوقهم ويجعل من التفاوض الداخلي بديلاً ناجحاً بين أطراف الإنتاج، ولايزال ينتظر الرد الإيجابي على مقترحاته».
لكن الاتحاد العام للنقابات استدرك بأنه «برزت حالات فصل جديدة على أساس التمييز بشكل موارب؛ فبدلاً من العقوبات على أساس الرأي والتعبير ظهرت أسباب مخترعة تبدو في ظاهرها مهنية إنما في باطنها هي أسباب تمييزية تستهدف تحديداً أولئك الذين فصلوا ثم أرجعوا ومن في حكمهم أو ينتمي إليهم».
وأوضح أن هذه الأسباب التي وصفها بالصورية تمثلت فيما يأتي:
– ادعاء أصحاب العمل بوجود حالة طبية لدى العمال تمنع من إبقائهم في العمل مع أنهم وبموافقة الشركة قضوا فترة سابقة طويلة على أعمال تمت تهئيتهم وتدريبهم عليها كأعمال تلائم وضعهم.
– ادعاء تغيير الهيكل الوظيفي بما يلغي وظيفة العامل، بينما الحقيقة أن أصحاب العمل يستبدلون العامل بآخر في الموقع نفسه المزعوم إلغاؤه.
– الفصل بسبب صدور أحكام قضائية نهائية أم غير نهائية مع أن هذه الأحكام على خلفية الأحداث وهي أحكام طالب تقرير بسيوني بإسقاطها؛ لكونها مرتبطة بحق حرية الرأي والتعبير كما نصت الاتفاقية الثلاثية الموقعة في (11 مارس/ آذار 2012) على إسقاطها.
– ادعاء أصحاب العمل بوجود برنامج للتقاعد الاختياري بسبب الهيكلة، ثم يتم التعامل بفرض التقاعد القسري على فئة من الموظفين غالباً من العمال أنفسهم الذين تم فصلهم على خلفية أحداث العام 2011.
– وضع أهداف وظيفية جديدة لا تتناسب مع حقيقة إمكانية تحقيقها في ظل الوضع الحالي، مثل أهداف المبيعات وغيرها وفصل الموظفين بناء على عدم تحقيقها.
– تعطيل تصريح الدخول لمن يعملون في منافذ الدولة ما يؤدي إلى فصلهم من عملهم، وعند التحقق يثبت أن الجهة المصدرة للتصاريح، وكذلك الجهات الأمنية لا توجد لديها أصلاً أية موانع لإصدار التصريح، وأن الموظف ليس عليه أية تحفظات، بل هو مجرد ذريعة من الشركة بعدم طلب تجديد التصريح أو بادعاء أن التصريح ألغي حتى لو كان أصلاً لم تستكمل فترته.
– فرض النقل التعسفي الاستهدافي لمضايقة العامل بحيث إما يستقيل أو يفصل بسبب عدم ملاءمة الوضع الجديد له.
– استهداف أعضاء بعض النقابات بالنقل التعسفي تحت طائلة الفصل لإجبارهم على الاستقالة من نقاباتهم.
ثانياً – انتهاك الحقوق النقابية:
قال اتحاد نقابات عمال البحرين إنه تم تعطيل الحوار الاجتماعي الحقيقي المفضي إلى حلول ناجعة للمشكلات التي يواجهها العمال سواء بين النقابات وإدارات مواقع العمل على مستوى المنشآت أم بين الاتحاد العام وكل من وزارة العمل وأصحاب العمل على المستوى الوطني.
وأضاف أنه حتى في الحالات التي يعقد فيها هذا الحوار عبر اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة مع الوزارة وتعرض فيه معوقات العمل النقابي والمشكلات العمالية؛ فإن حل هذه المشكلات لايزال بعيد المنال.
وأردف أنه تم استهداف النقابات بما يأتي من الانتهاكات:
– إلغاء اتفاقيات التفاوض المشترك والموقع عليها من النقابات وأصحاب العمل وفي بعض الحالات بمعية وزارة العمل والاتحاد العام.
– إغلاق مكاتب النقابات أو تغيير مواقعها.
– وقف اقتطاع رسوم الاشتراك.
– التدخل في سحب عضويات العمال من النقابات سواء بالإلغاء المباشر للأسماء من نظام الاقتطاع أو بالتحريض الضمني أحياناً والصريح أحياناً أخرى على ترك النقابات.
– التلويح للعمال بتغيير مواقع عملهم أو فصلهم ما لم يستقيلوا من النقابات.
ثالثاً – المجالس الثلاثية:
شكا اتحاد العام لنقابات عمال البحرين من تهميشه، حيث ذكر أنه في الوقت الذي تقول فيه وزارة العمل إن احترام الحوار الاجتماعي والشراكة الاجتماعية قائم، إلا أن وجود الاتحاد العام في المجالس الثلاثية تم تهميشه والنيل منه لإضعاف مكانة الاتحاد العام، كما يأتي:
– بعد فترة من عدم استدعاء ممثلي الاتحاد العام لحضور اجتماعات مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي السابق، تم تشكيل مجلس إدارة جديد في مارس 2013 بمرسوم 18 لسنة 2013 من دون وجود ممثلي العمال في مخالفة صريحة وواضحة لقانون التأمين الاجتماعي رقم 3 لسنة 2008 بل وعقد المجلس اجتماعاته، وقام باتخاذ قرارات استراتيجية مثل استثمار أموال الهيئة في شراء حصص ببعض المصارف وغيرها من القرارات التي يراها الاتحاد العام باطلة حكماً بغياب الطرف العمالي من التشكيل ما يجعل المجلس فاقداً للشرعية في التصرف بأموال المؤمن عليهم.
– إصدار قرارات من مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وهيئة صندوق العمل (تمكين) بدون الأخذ بوجهة نظر الطرف العمالي بمجلسي الإدارة.
– عدم طلب ممثل الاتحاد العام في هيئة تحكيم النزاعات الجماعية بوزارة العدل، ما يجعل العديد من القضايا المرفوعة للهيئة معلقة من دون حل ويضيع مصالح المئات من العمال بسبب تجميد أعمال الهيئة.
رابعاً – إحصاءات العمالة والبطالة:
قال الاتحاد إنه بالإضافة إلى التناقضات وعدم التطابق في الإحصائيات بين جهات حكومية في أرقام العاملين والعاطلين والتي سيفرد لها الاتحاد العام تقريرًا خاصّاً تعمل عليه لجنة خاصة به، كشفت إحصاءات وزارة العمل عن البطالة والعمالة الصادرة على لسان الوزير عن نمو مخيف للعمالة الوافدة يعادل ضعف نمو العمالة الوطنية ما يطرح سؤالاً حول أين يذهب الاقتصاد البحريني، وكيف يخلق وظائف في معظمها تستقطب العمالة الوافدة، وإن حيازة قطاعي المقاولات وتجارة الجملة والتجزئة نصيب الأسد من الوظائف في سوق العمل وهي قطاعات لا تقدم بطبيعتها رواتب مجزية ومن جهة أخرى تهميش القطاع الصناعي الذي جاء في المركز قبل الأخير من حيث عدد العاملين مؤشر على أن اقتصاداً كهذا لن يستطيع أن يوفر للمواطن العيش الكريم والعمل اللائق.
وأضاف «من هنا وجدنا نسبة تقل عن 10 في المئة ممن يتقاضون رواتب تزيد على 1500 دينار بينما أكثر من 50 في المئة من العمالة تتقاضى رواتب تقل عن 400 دينار والتي هي أقل من الحد الأدنى المفترض للأجر في البجرين لعائلة تتكون من أربعة أفراد».
ورأى في هذا مؤشرات مقلقة جدّاً وتنذر بعواقب اجتماعية لن تسكنها اتفاقيات الجنتلمان مع أصحاب العمل لزيادة الرواتب، وخاصة في ظل استغلال بعض أصحاب العمل هذه الاتفاقيات سواء المدعومة من تمكين أم المدعومة من وزارة العمل فقط لتحريك طلبات استقدام العمال الوافدين ثم الاستغناء عن العمالة الوطنية أو تطفيشها.
وخلص إلى أنه من خلال النقاط الواردة أعلاه «نستشف أن المشكلة ليست لدى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الذي منذ تأسيسه وهو يقترب في العام المقبل من الذكرى المجيدة لتأسيسه كمنظمة نقابية ديمقراطية مستقلة وموحدة، وهو يغلب المصلحة الوطنية ويصون الوحدة الوطنية والعمالية ويدافع بمهنية ومصداقية عن حقوق العمال ويحتكم إلى معايير العمل الدولية ومعايير حقوق الإنسان، بل إن المشكلة على ما يبدو هي لدى الأطراف الأخرى التي لا تريد لملف المفصولين أن يغلق بل أن يبقى إسفيناً في العلاقة بين أطراف الانتاج».
وأضاف أنه «تأسيساً على مقدمة هذه الرسالة فإن الاتحاد العام إذ يمد يديه من أجل حوار جاد وحقيقي يفضي إلى حلول دائمة تضمن علاقات إنتاج مستقرة ومزدهرة بين أطراف الإنتاج؛ فإن الاتحاد العام على استعداد للدخول في التفاصيل لكل حالة ووضع أسماء الحالات ومواقع عملهم بين يدي أصحاب القرار».
وأكد أن «الاتحاد العام الذي حقق بمهنيته ومصداقيته احترام العالم سيظل مؤمناً بأن كلا من شريكي الإنتاج وزارة العمل وأصحاب العمل يمكنهما مواصلة العمل مع الاتحاد العام والبناء على الإيجابيات التي تحققت وتفادي السلبيات للتوصل إلى حلول خلاقة ومجدية»، مبيناً أن هذه الحلول تنبني على الأسس الآتية:
– حل موضوع من تبقى من المئات من المفصولين بإرجاع كل المتبقين في القطاع الحكومي والقطاع العام الخاص (الشركات المملوكة حكوميّاً) بغض النظر عن الأسباب المستجدة مثل إلغاء الوظائف والأحكام القضائية، وغيرها من الأسباب التي ستظل في نظرنا مرتبطة بالأحداث وعلى أساسها لكونها تستهدف بوضوح هؤلاء المفصولين.
– معالجة أوضاع المفصولين من القطاع الخاص الخاص بإرجاعهم أو البحث لهم عن وظائف مكافئة لوظائفهم ومستقرة، علماً بأن العديد من هؤلاء وعلى رغم أنهم قبلوا بوظائف بديلة إلا أنها لم تدم لهم أيضا إذ سرعان ما فصلوا منها.
– معالجة أوضاع الانتهاكات الخاصة بالمفصولين المرجعين في مواقع العمل التي توجد بها نقابات عبر حوار اجتماعي جاد بين النقابات وأصحاب العمل يصل إلى حلول مرضية.
– معالجة أوضاع المفصولين المرجعين وقضايا تهميشهم وحرمانهم من حقوقهم في الامتيازات والمكانة الوظيفية عبر وحدة رصد وتصحيح بديوان الخدمة المدنية تكون لصيقة المتابعة مع اللجنة الثلاثية الخاصة بالمفصولين.
– وقف الاستهداف الجائر الذي يحصل ضد النقابيين في الشركات الكبرى والصغرى وتدخل الوزارة لفرض احترام قانون النقابات 33 لسنة 2002.
– وقف التمييز في العمل النقابي بين منظمة وأخرى طالما أعلنت الحكومة أنها ارتضت التعددية النقابية خياراً.
– احترام مبدأ الأكثر تمثيلاً لكن ليس فقط على الأساس العددي بل على أساس معايير تأسيس المنظمات النقابية بحسب القانون وبحسب معايير العمل الدولية حيث إن مبدأ الأكثر تمثيلا لا قيمة له إلا في إطار حزمة من المبادئ وهي الديمقراطية والاستقلالية والتزام الدفاع عن العمال بوجه الانتهاكات التي تطولهم وخاصة التمييز ضدهم بما يخالف الاتفاقية الدولية 111 التي صادقت عليها البحرين العام 2000.
وختم الاتحاد العام رسالته بأنه «يوجه هذه الرسالة المفتوحة إلى الرأي العام وإلى صدور المسئولين في البلاد ليضع الجميع أمام مسئولياته وليوصل رسالة إلى الجميع بأن الاتحاد العام كان وسيبقى عنصر بناء للقيم والأخلاقيات وعنصر دعم للحمة الوطنية وعنصر حفز للهمم، وارتقاء بالوطن ليكون للجميع والجميع له في ظل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والعمل اللائق».