الرياض – أ ف ب
يغادر الآلاف من الآسيويين السعودية مع اقتراب انتهاء المهلة الزمنية لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل، في حين تمكن ملايين من تسوية أمورهم وبلغت أعداد المرحلين 900 ألف منذ بدء الحملات مطلع العام الجاري.
وقال سليمان أحمد الإثيوبي الجنسية بينما كان في البطحاء وسط الرياض «جئت إلى السعودية للمرة الثانية. دفعت عشرين ألف ريال (5400 دولار) خسارة والكفيل اختفى لا أريد البقاء هنا سأرحل».
ونقلت تقارير إعلامية قبل أيام عن وكيل وزارة العمل للشئون العمالية أحمد الحميدان قوله إن الوزارة أنهت تغيير مهنة 1.95 مليون عامل ونقل خدمات 2.08 مليون آخرين منذ بداية الحملة، في أبريل/ نيسان الماضي.
من جهته، أكد الناطق الرسمي للمديرية العامة للجوازات المقدم أحمد اللحيدان «مغادرة أكثر من 900 ألف وافد بتأشيرات خروج نهائي» حتى العشرين من الشهر الجاري.
وطلب عدد من الدول الآسيوية تمديد المهلة عدة أشهر أخرى لتسوية أوضاع رعاياهم المخالفين.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عزيز أحمد شودري لـ «فرانس برس»: «لقد طلبنا من الحكومة السعودية تمديد المهلة الزمنية حتى 31 يناير/ كانون الثاني 2014 لكي تتمكن بقية الباكستانيين الاستفادة» من تصحيح الأوضاع.
بدورها، قدمت الفيلبين طلباً إلى وزارة الخارجية لتمديد المهلة نظراً لعدم تمكنها من تلبية طلبات الآلاف من مواطنيها.
لكن المتحدث الرسمي لوزارة العمل حطاب العنزي نفى وجود نية لتمديد المهلة التصحيحية التي تنتهي الأحد المقبل، بحسب مصدر رسمي.
يشار إلى أن غالبية العمالة المخالفة من دول جنوب شرق آسيا خصوصاً الهند وبنغلاديش وباكستان فضلاً عن الفيلبين واليمن ومصر.
ويقدر بعض العمال الآسيويين أن عدد المغادرين والمرحّلين «أكثر من المعلن» مشيرين إلى «خلو الأماكن» المعتادة لتجمع العمالة التي تبحث عن عمل يومي في الرياض.
وقال الباكستاني حافظ الدين شاه بينما كان واقفاً في أحد شوارع منطقة السليمانية (غرب الرياض) «الأعداد أكثر مما هو معلن (…) نحن في السوق نراقب ونرى لم تعد الأوضاع كما كانت عليه في السابق».
وأضاف الأربعيني صاحب اللحية المخضبة بالحنة لـ «فرانس برس»: «اذا كنت في هذا المكان سابقاً لكان هناك المئات. أما الآن فكما ترى عددهم لا يكاد يتجاوز العشرين شخصاً».
وأكد شاه الذي كان يعمل سائقاً أنه تمكن من نقل الكفالة إلى شخص آخر مقابل مبلغ عشرة آلاف ريال (2700 دولار) مشيراً إلى أنه يعمل في إحدى شركات النقل حالياً.
بدوره، قال الهندي شيخ أطهر إنه تمكن من تصحيح وضعه القانوني أيضاً.
أما بالنسبة لتأثير مغادرة العمالة على الاقتصاد، قال عبدالوهاب أبوداهش الخبير الاقتصادي «لا أعتقد أن مغادرة هذه الأعداد السعودية ستؤثر على عجلة الاقتصاد، لأنها في الأساس عمالة فائضة عن الحد المطلوب وكانت تقوم بأعمال غير مهمة للغاية، تنظيم سوق العمل هو الأهم».
أضاف لوكالة فرانس برس «هذه الأعداد لم يكن يحتاجها الاقتصاد وإلا كان تم تصحيح أوضاعه كما صحح الآخرون أوضاعهم لو كان بحاجة لها (…) خروج مليون وافد مخالف وقد يلحق بهم نصف مليون آخر بعد انتهاء المهلة، كانت ضمن حدود التوقعات».
ومنذ مدة، تحض وزارتي الداخلية والعمل جميع الوافدين المخالفين لنظامي الإقامة والعمل على الاستفادة من تمديد مهلة التصحيح، لأنه سيتم تطبيق العقوبات المقررة بحق المخالفين ومن يشغلهم بكل حزم ودون تهاون بعد انتهاء المهلة الزمنية.
وتلوح الوزارتان بحملات تتضمن جولات ميدانية مباغتة على الشركات والمؤسسات مستعينة بدوريات من الشرطة بعد تجهيز فرق تفتيش مدربة تم منحها الصلاحيات اللازمة لضبط العمالة المخالفة في أماكن عملها.
وفي هذا السياق، قال أبوداهش «نتوقع مغادرة المزيد من العمالة في الأشهر المقبلة بعد بدء حملات التفتيش، وأعتقد أن تنظيم سوق العمل يجب أن يستمر لاسيما العمالة الوافدة، وتعامل الشركات مع العمالة داخل المنشآت التجارية مهم جداً».
يذكر أن حملات الترحيل – لمن لا يوجد بحوزتهم إقامة – بدأت مطلع العام الجاري وشملت نحو 200 ألف مخالف خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
لكن الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمر بمنح مهلة زمنية مطلع أبريل/ نيسان الماضي مدتها ثلاثة أشهر قبل أن يجددها فترة أربعة أشهر تنتهي الإثنين المقبل.
وشدد الملك على تطبيق النظام بحق «جميع المخالفين، والمتسترين» بعد انتهاء فترة التصحيح. وتصل عقوبات المخالفين إلى السجن سنتين، والغرامة 100 ألف ريال (27 ألف دولار).
وكانت السلطات أعلنت عدداً من التسهيلات والاستثناءات لجميع المنشآت والأفراد الأجانب لتصحيح مخالفات نظامي العمل والإقامة والاستفادة من المهلة التي أصدرها العاهل السعودي.
وقد شهدت دوائر الجوازات ومكاتب العمل خصوصاً في الرياض وجدة اصطفاف طوابير طويلة للعمالة الوافدة بانتظار دورها من أجل تصحيح أوضاعها إما بعودتها إلى مكان عملها أو الانتقال إلى مكان آخر أو تجديد جواز السفر للمغادرة نهائياً.
ويبلغ عدد العمالة الوافدة تسعة ملايين شخص في بلد يسجل نسبة 12.5 في المئة من البطالة رسمياً.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي إحسان أبوحليقة لـ «فرانس برس» إن «الاقتصاد السعودي لن يتأثر بترحيل هؤلاء». وأضاف أن «هذه العمالة هامشية من حيث الكفاءة والمهارات كما أن ما يقارب الربع من هم من الأميين بلغاتهم الأصلية لذا فإن تأثيرها محدود جداً».
ودعا أبوحليقة إلى «إعادة هيكلة العمالة الوافدة، أي جلب أصحاب الخبرات والكفاءة لأن هؤلاء مفيدون في عملية التنمية الاقتصادية».
وختم قائلاً إن «المجتمع استخدم العمالة الهامشية بدواعي الكسل ليس أكثر».
العدد 4074 السبت 02 نوفمبر 2013م الموافق 28 ذي الحجة 1434هـ
http://www.alwasatnews.com/4074/news/read/824568/1.html