ومضة قلم .. صندوق لتحسين الأجور

أعمدة – محمد المحفوظ

لا نجد مبّرراً منطقياً ومقبولاً لتحفظ وزارتي المالية والعمل وهيئة التأمين الاجتماعي على المشروع بقانون الذي احالته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب الذي ينص على انشاء صندوق لتحسين الأجور يتبع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. ما يجدر ذكره هنا انّ من اهداف الصندوق التكفّل بدعم كل بحريني يقلّ راتبه عن ثلاثمئة دينار وتكون له ميزانية خاصة.

 وطبقاً لمشروع القانون المشار اليه فإنه يجب ألا يقل راتب البحريني عن ثلاث مئة دينار والاّ فانّه يستحق دعماً بالمقدار الذي يوصل راتبه الى الـ 300 دينار. ترجع اسباب تحفظ الحكومة الى الكلفة المالية التي قدرتها بأربعين مليون دينار. امّا الذي يثير الاستغراب كما جاء في التحذر الحكومي من أنّ “الحد الادنى للأجور يحد من التنافس والتطوير! وانّ المستفيد من هذا الدعم هو صاحب العمل كما انه سيؤدي لاستغلال القانون من خلال الالتزام بالحد الادنى للاجور فقط دون السعي لزيادة الرواتب”. أرقام الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي كشفت أنّ عدد البحرينيين الذين تقل رواتبهم عن مئتين وخمسين دينارا خمسة عشر ألف بحريني في العام الحالي أما الذين يتسلمون رواتب اقل من ثلاثمئة دينار فعددهم 33 الف عامل.

ونتذكر أنّ وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة كان قد برر رفض الحكومة زيادة الرواتب أمام رئيسي اللجنتين الماليتين بمجلسي الشورى والنواب بارتفاع الدين العام والفوائد المترتبة عليه. وكان الرد من قبل المختصين بأنّ سبب العجز ترهل الجهاز الحكوميّ اذ انّ هناك فتحا لهيئات وإدارات برواتب عالية وكان بالامكان – حسب بعض النواب – توفير مطالب النواب بالقيام بإجراءات تصحيحية وتقشفية لتحسين الوضع. والعجز المزعوم الذي يتردد والارقام ماهي “الاّ محاسبات دفترية ليس لها مكان من الصحة على ارض الواقع. وانّ المطلوب تنفيذ ما ورد بتقرير ديوان الرقابة المالية بتقليص النفقات غير الضرورية”.

 لم يعد منطقيا في ظل الغلاء المتفشي ان تبقى رواتب هذه الفئة تتراوح بين مئتين وثلاثة مئة دينار. والسؤال اليوم امام الاسرة لم يعد كم توفر من دخلها لمستقبل ابنائها لتعليمهم تعليما جيداً بل انّ السؤال هو هل يكفي الراتب حتى نهاية الشهر؟ ليس غائبا عن الاذهان انّ ايجارات السكن هي ما يقدر بثلث الراتب وهي نسبة عالية جدا بكل المقاييس.

ما يجب التذكير به انّ المواطنين الذين استطاعوا تحسين اوضاعهم المعيشية بالبحث عن عمل اضافي يشكلون قلّة بينما الاكثرية تبقى انظارها مشدودة على الراتب. وليس هناك فارقا يذكر بين موظفي القطاعين العام والخاص. وهذا بطبيعة الحال خلل فادح في وضعية الاسرة كان من الضروري تداركه وعلاجه والاّ فإنّ نتائجه كارثية ليس على الافراد وحدهم بل على المجتمع برمته.

 ثمة من يشير بأصابع الاتهام الى الاسرة كونها تعاني من خلل في مفهوم الصرف والادخار. ويذهبون الى انّ الجانب الاستهلاكي من طعام يستنزف ما نسبته النصف من الدخل الشهري وكأنّ جلّ اهتمامهم منصرف الى بطونهم!. وبالتالي فإنّ الوعي بالاستثمار غائب تماما عنها بل منعدم الى اقصى الحدود. البعض الآخر طرح سؤالاً بالغ الاهمية مفاده لماذا خيار الأسرة هو السفر سنوياً؟ الا يعد هذا السلوك تفريطا في قضايا اكثر اهمية؟ اضافة الى كونه تجاهلا في ترتيب الاولويات.

 http://www.albiladpress.com/column232-14435.html

جريدة البلاد – العدد : 1848 –  الثلاثاء ٥ نوفمبر ٢٠١٣ م

Image Gallery