محمد المحفوظ
توجيه صاحب السمّو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بإدماج الجامعيين في القطاعين العام والخاص فتح أمامهم فسحة من الأمل بالتوظيف بعد معاناة طويلة. ويأتي هذا ضمن مشروع توظيف العاطلين الجامعيين. لكنّ الذي نأمله أن يجد توجيه سمّو رئيس الوزراء طريقه الى التنفيذ من قبل المعنيين بوزارة العمل.
غير أنّ السؤال الذّي يشغلنا في هذه المناسبة هل يتم توظيف هؤلاء الجامعيين في الوظائف اللائقة بهم.. أي تتناسب مع تخصصاتهم حيث عانوا الكثير طوال سنوات دراستهم. ربّما يغيب عن أذهان البعض انّ اسلوب التوظيف المعتاد بالوزارة هو عرض الوظائف الشاغرة على العاطلين من الخريجين الجامعيين حتى لو كانت غير ملائمة لتخصصاتهم. وهنا تضعهم الوزارة أمام خيارين لا ثالث لهما امّا قبول ما هو متوفر أو رفضه. وفي الحالة الثانية فإنّ الوزارة تقوم بتسجيله رافضاً للعمل وبالتالي عليه تحمل تبعات القرار وتتمثل في شطبه من قائمة المستحقين لعلاوة التعطل بالإضافة الى عدم مطالبته بالتوظيف مستقبلاً.
إنّ رؤية سمو رئيس الوزراء الموقر عندما أصدر توجيهه الكريم بتوظيف الجامعيين أن يرى سموه أبناءه يعملون في الوظائف اللائقة أكان في العمل الحكوميّ في وزارات وهيئات الدّولة والهيئات المملوكة لها او كان في القطاع الخاص كالشركات او المؤسسات.
ونشير هنا الى أنّ غالبية الخريجين الجامعيين رفضوا العمل في القطاع الخاص كونه عملا لا يتناسب مع دراساتهم (ومثال على هذا انّ الوزارة عرضت على جامعية وظيفة مقدمة أطعمة في أحد مطاعم الوجبات السريعة). القطاع الخاص من جهته يفرض قوانين على المعينين كالعمل الاضافي بلا مقابل! قد يتساءل البعض أين دور وزارة العمل ازاء ممارسات القطاع الخاص في فرض قوانينها على من يتم توظيفهم؟ والإجابة باختصار شديد هو أنّ دورها غائب تماماً.
لابدّ من الاشادة بخطوة الوزارة بإقامة معارض التوظيف وهي فكرة موفقة. والحقيقة إنه عندما تعلن الوزارة عن إقامة أحد تلك المعارض فإنّ أعداداً هائلة من هؤلاء العاطلين تهرع للتسجيل للحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم. لكنّ الواقع غالباً ما يصدمهم بأنّ جلّ الوظائف المعروضة لا تتناسب مع مؤهلاتهم. أمّا الأدهى والأمرّ عندما يسجل بعضهم في وظائف محددة لإحدى الشركات فإنّ عليه الانتظار الى اشهر.. والمفاجأة بل الصدمة المروعة أنّه لا يجد من يتصل به حتى للمقابلة. والخلاصة أنّ العملية ليست سوى ضحك على الذقون أي انّ المعروض ليس سوى وظائف وهمية. وبالتالي يفقد المعرض الهدف من اقامته. ربّما الهدف الذي كانت ترمي اليه الوزارة قد تحقق وهو انها حققت على الاقلّ الدعاية الاعلامية وسجلت ذلك ضمن إنجازاتها.
ثمة حقيقة نود التذكير بها هنا هي أنّ الكثير من الخريجين الجامعيين على استعداد للقبول بوظائف قريبة من تخصصاتهم فقط لو أنّ الوزارة عملت على تأهيلهم وتدريبهم عليها.
إنّ الذي يستعصي على الفهم ازاء معضلة كالتي نحنُ بصددها وهي البطالة هو أنّ وزارة العمل غالباً ما تتعذر بأنّ فرص العمل محدودة وأعداد العاطلين تتضاعف وهنا نوجّه أنظار المسؤولين بالوزارة الى حقيقة لا نعتقد أنها غائبة عن أذهانهم لكنهم يصرفون النظر عنها – لأسباب هي أعلم بها – وتتمثل في أنّ عددا من الشركات وبالتحديد شركات الصرافة وبالأخص في المجمعات التجارية الكبرى جُلّ العاملين بها من الأجانب. أليس بالإمكان ان يشغلها خريجون بحرينيون من الجنسين؟ سؤال ننتظر الاجابة عليه بصراحة من المسؤولين بالوزارة.
جريدة البلاد – العدد ١٩٣٦ – يوم السبت الموافق ١ فبراير ٢٠١٤