لأن العبرة في الوظائف العليا ليست بالشهادات .. رفض إلزام وزارة بترقية موظفة إلى درجة رئيس قسم

قضت المحكمة الكبرى الإدارية برئاسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية القاضيين محمد توفيق وأشرف عبدالهادي، وأمانة سر عبدالله إبراهيم، برفض الدعوى التي أقامتها موظفة بإحدى الوزارات، للمطالبة بإلزام الوزارة بتعيينها بدرجة رئيس قسم بدعوى أنها تعمل منذ 22 سنة وحاصلة على شهادات أعلى من زملائها.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن الصلاحية في شغل الوظيفة العامة – ولا سيما الوظيفة القيادية – لا يكفيها مجرد الصلاحية العلمية، بل يلزمها اعتبارات شتى لها جميعها وزنها وتقديرها في الحكم على صلاحية كبار الموظفين القادرين على تولي الشئون العامة ومن تراه الإدارة صالحًا لمعاونتها في تحقيق أهداف المرفق.
كانت المدعية قد أقامت دعواها مطالبة بالحكمأولاً بسحب القرار الإداري الصادر بتكليفها إضافة إلى عملها القيام بأعمال رئيس قسم التحليل الاقتصادي بإحدى وزارات الدولة، وبترقيتها إلى منصب رئيس قسم التحليل الاقتصادي بأثر رجعى منذ تاريخ استحقاقها لهذا المنصب في عام 2000، مع تعديل الدرجة الوظيفية لهذا المنصب على الدرجة التنفيذية الرابعة.
وثالثا وقبل الفصل في الموضوع بانتداب خبير لاحتساب جميع العلاوات والحوافز المستحقة لمنصب رئيس قسم التحليل الاقتصادي للمدعية منذ تاريخ استحقاقها لهذا المنصب وحتى صدور الحكم.
ورابعًا بإلغاء القرار الصادر بتعيين زميلة أخرى بوظيفة رئيسة لقسم السياسات المالية في الوزارة ونقلها إلى وظيفة أخرى تتناسب مع مؤهلاتها.
وقالت إنها تشغل وظيفة اقتصادي بقسم إدارة الدراسات الاقتصادية والبحوث منذ 22 سنة، ولم تحصل إلا على ترقية طوال تلك الفترة، وقد حصل جميع موظفي القسم الذي تعمل به منذ تعيينها على رئاسة أقسام باستثنائها هي، وعليه فقد تظلمت إلى جهة الإدارة من هذا الوضع الوظيفي غير المنصف، وبتاريخ 30/7/2012 أصدرت الجهة الإدارية التعميم والذي تضمن القرار الطعين بتكليفها إضافة إلى عملها القيام بأعمال رئيس قسم التحليل الاقتصادي، وتنعى المدعية على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون، الأمر الذي حدا بها إلى إقامة الدعوى.
وقالت المحكمة إنه من المستقر عليه أن اختيار وسيلة ما لشغل الوظيفة العامة يعتبر من الملاءمات التقديرية التي تترخص فيها الجهة الإدارية بسلطة مطلقة في حدود ما تراه متفقًا مع الصالح العام وباعتبارها المسئولة عن حسن سير المرافق العامة، لأن الصلاحية في شغل الوظيفة العامة – ولا سيما الوظيفة القيادية – لا يكفيها مجرد الصلاحية العلمية، بل يلزمها اعتبارات شتى.
ولا يسوغ للمدعية في هذا الشأن المحاجة بكفاءتها العلمية وكثرة الشهادات الحاصلة عليها لإلزام جهة الإدارة بتعيينها بصفة دائمة كرئيسة قسم ؛ ذلك أن المشرع رخص لجهة الإدارة بموجب المادة 7/2 من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2010 في شغل الوظائف الدائمة بها- عند خلوها – وذلك بصفة مؤقتة، فضلاً عن أن الصلاحية في شغل مثل هذه الوظائف لا يكفيها – على نحو ما سبق الإلماح إليه – مجرد الصلاحية العلمية، بل يلزمها اعتبارات شتى لها جميعها وزنها وتقديرها في الحكم على صلاحية كبار الموظفين القادرين على تولي الشئون العامة ومن تراه الإدارة صالحًا لمعاونتها في تحقيق أهداف المرفق.
لما كان ما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد قيام جهة الإدارة بثمة ترقيات لمن هم في درجة المدعية الوظيفية إلى وظيفة رئيس قسم بإدارة الدراسات الاقتصادية والبحوث وأن المدعية تتوافر فيها شروط هذه الترقية، الأمر الذي يضحى معه هذا الطلب قائماً على غير أساس من الواقع والقانون جديراً بالرفض.
وحيث إنه عن الطلب الثالث المتعلق بانتداب خبير لاحتساب جميع العلاوات والحوافز المقررة لمنصب رئيس قسم التحليل الاقتصادي التي تجزم المدعية بأحقيتها في الترقية إليه منذ عام 2000، فلا وجه لذلك بعد أن خلصت المحكمة إلى عدم أحقيتها في الترقية إلى هذه الوظيفة، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الطلب.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت المدعية في الدعوى الماثلة تطلب الحكم بإلغاء قرار الوزير الصادر بتعيين زميلة لها بوظيفة رئيس قسم الدراسات الاقتصادية والمعلومات بإدارة الدراسات الاقتصادية والبحوث، وهو قرار لم يمس حقاً مباشراً أو يؤثر على مركز قانوني للمدعية، ولا توجد ثمة منفعة تعود عليها من إلغائه، وبالتالي لا يكون هناك مصلحة شخصية ومباشرة للمدعية تسوغ طلب إلغاء القرار، المشار إليه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء شرط المصلحة، وهو ما تكتفي المحكمة بذكره في الأسباب دون المنطوق.
لهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.
جريدة اخبار الخليج  – العدد  ١٣١٣٣ –  يوم السبت الموافق  ٨  مارس  ٢٠١٤

Image Gallery