عبدالله خليفة
لعبت الطبقة العاملة البحرينية دوراً وطنياً توحيدياً، خاصة في التعاون الوثيق مع هيئة الاتحاد الوطني المعبرة عن الفئات الوسطى، فغدا التصدي للاستعمار والتقدم الاجتماعي مهمات مشتركة متداخلة بين القوتين الاجتماعيتين الرئيستين.
لكن في الانفكاك الذي جرى بعد ذلك وتوجه كل قطب نحو مصالحه وتوجهاته السياسية الاجتماعية لم تتطور العملية السياسية نحو تعميق الديمقراطية.
انفصال التجار عن العمال حدث لضعف تطور الصناعات المحلية وغلبة التكوينات غير الصناعية ثم فاقم ذلك جلب العمال الاجانب بصور واسعة غير مخططة وغير معبرة عن أهداف وطنية عميقة.
لكن الطبقة العاملة واصلت الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والاهتمام بالأهداف العامة للمجتمع عن طريق المعبرين السياسيين عنها، لكن الذين لم يطوروا التحالف الاجتماعي مع الفئات الوسطى.
ومع تصاعد القوى الدينية الطائفية التي قسمت الشعب حدث الانقسام في صفوف القوى العمالية كذلك.
لم ينفصل هذا التدهور في الوعي عن التحولات في البنية الاجتماعية للعمال، الذين تبدلوا من أغلبية القوى العاملة البحرينية إلى أن يكونوا ثلث العمال، وغدا العمال الأجانب هم الذين يكونون الأغلبية، وكثرت الفئات الهامشية وما يُسمى بحثالة البروليتاريا فيها، كذلك تصاعدت الفئات البرجوازية الصغيرة في تكوين الطبقة العاملة وحدثت لها تأثيرات فكرية وسياسية، وغلب تكوين العمال الريفيين على الأصول السكانية لها، وتبدلت البنية الاجتماعية العامة من بنية شبه حرة إلى بنية رأسمالية دولة غالبة.
هذا كله انعكس على توجهات العمال وغلبة الانقسامات.
فالخطابات الوطنية العقلانية المهتمة بالإصلاحات والتحولات التدريجية تغيرت إلى خطابات طائفية سياسية ومغامرة مما قاد إلى خسائر سياسية واجتماعية دون تقدم في أوضاع العمال الاقتصادية والاجتماعية، بل على العكس زادت مشكلات الغلاء والبطالة وضعف الأجور ومنافسة القوى العاملة الأجنبية وتدني مكانة التكوين العمال النسائي وعدم حصوله على مواقع نقابية هامة رغم توسع حجم النقابات وحصولها على مكانة عامة مميزة.
غلبة الوعي الديني الطائفي على الجماعات الإدارية العمالية أضعف مكانة العمال كما أضعف بقية المكونات الاجتماعية وغدت قدراتها في التفاوض والدخول للبرلمان والتعبير المميز عن الطبقة العاملة وتاريخها الوطني خارج الوضع السياسي العام.
هذا لا ينفصل عن تدهور الوعي الوطني للجماعات التي كانت معبرة عن الشغيلة فيما سبق والتي لم تقم بخلق ومواصلة التراكم السياسي الديمقراطي خلال التاريخ الاجتماعي عبر العقود السابقة.
يعود ذلك لتدهور الوعي العمالي الطبقي الوطني حيث غابت عمليات التحليل للرأسمالية وإتجاهاتها وكيفية إصلاحها وتحديد بنية الطبقة العاملة ومكوناتها وكيفية تغيير هذه البنية التي غلبت عليها التكوينات غير الصناعية وإنتشرت فيها الفئات القادمة من المؤسسات التجارية والمالية، وهو أمر كان يحتاج لمزواجة بين النضال الوطني السياسي العام والنضال النقابي.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/13097/article_touch/4837.html
جريدة اخبار الخليج – العدد ١٣٠٩٧ – الجمعة الموافق ٣١ يناير ٢٠١٤