ريم خليفة
يحل يوم المرأة العالمي في 8 مارس / آذار من كل عام، وهذا اليوم الذي تبنَّته القوى اليسارية والعمالية والنسوية والحقوقية في العالم تحت شعار مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتحريرها من قيود مجتمعية تحدُّ من تطورها والاستقلال بنفسها، وهو من دون شك العيد الحقيقي لجميع نساء العالم.
وفي خضم ذلك، فإن ساحتنا العربية لا تخلو من نساء تميزن في مجالات عدة، وقد يكون انخراطهن مثلاً في العمل السياسي ما هو إلا ثمرة لتاريخ النضال النسوي في المنطقة العربية على رغم محاولات لإلغاء أو تجاهل نضال المرأة للخروج إلى دائرة العمل والتعليم، وأيضاً مسح دورها كعنصر فعال في المجتمع تساهم في تنميته وتطوره.
إن ازدياد الوعي بالمطالبة بحقوق الإنسان ساهم بشكل كبير في نزول المرأة بصورة قوية في الشوارع والميادين العربية منذ مطلع العام 2011 وحتى اليوم، إلا أن المرأة في مصر وليبيا وجدت نفسها ضحية في كثير من الأحيان تارة من رجال أمن النظام السياسي القامع لحركات الشارع وتارة أخرى ضحية عنف واعتداءات وتحرشات من المتظاهرين في الشارع.
وعلى رغم أن الموازين والمناخ السياسي تغير بعد العام 2011 فقد واجهت المرأة العربية صوراً شتى من العقبات من بعد ثورات واحتجاجات الربيع العربي، فهي كانت ومازالت وقود الشارع لكنها أيضاً تستخدم كأداة للنظام السياسي الذي يبحث عن مكياج يجمل صورته في مناصب رفيعة لا تعتمد في كثير من الأحيان على معايير تعتمد على أساس الكفاءة.
أما موضوع الإقصاء فهو يطول المرأة لكونها تنتمي إلى فئة معينة أو على اعتبارات جندرية وعرقية، وهي صورة أخرى للانتهاك، وقد تختلف من مجتمع عربي إلى آخر.
إن العنف والتمييز ضد النساء مشكلة، ومن الضروري أن تكون هناك مساعٍ لخلق مجتمعات أكثر انفتاحاً وديمقراطية، فتمكين النساء من القيام بدور كامل ومتكافئ أمر مهم. وكل مجتمع تحترم فيه حقوق النساء ويصغى فيه إلى أصواتهن هو السبيل الوحيد لتحقيق ازدهار واستقرار دائمين. وتظل المساواة بين الجنسين وتمكين النساء في أنحاء العالم أولوية لتقدم المجتمعات.
إن الانتهاكات التي مرت بها المرأة العربية خلال الأعوام الثلاثة الماضية كثيرة، وهي في البحرين مثلاً لا تقاس بالانتهاكات التي تعرضت لها منذ العام 2011 إذ وجدت نساء كثر دون دعم أو حتى موقف تضامني، وهي على سبيل المثال كانت إما مفصولة أو معتقلة أو فقدت عائلها الذي يعولها، أو بقي أبناؤها دون معيل، وهناك من مازلن يعانين معنويّاً وماديّاً.
لقد أوصت اللجنة التابعة إلى الأمم المتحدة، في ضوء مناقشة تقرير البحرين الدوري الثالث بشأن اتفاقية «سيداو»، والتي تمت بتاريخ (11 فبراير/ شباط 2014) بجنيف، بوقف العقوبات التي اتخذتها البحرين ضد من شاركن سلميّاً في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ فبراير/ شباط 2011، مبدية في الوقت نفسه قلقها من ادعاءات تعرض بعض النساء للاعتقال وسوء المعاملة والترهيب على أيدي الموظفين المكلفين تنفيذ القانون، فضلاً عن الفصل والإيقاف عن العمل، وأشكال أخرى مختلفة من العقاب كإلغاء الجنسية، ناهيك عن استمرار اعتقال عدد من النساء.
كما طالبت اللجنة بضمان السَّماح للناشطات ممارسة حقوقهن في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وألا يكون للتعديل الذي أجري على قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية أثر سلبي في هذا الصدد، ناهيك عن ضمان تمثيل المرأة وإدراج قضايا المرأة في الحوار الوطني الجاري.
إن المرأة اليوم، بشكل عام، تقوم بدور أساسي في بناء مجتمعات أكثر انفتاحاً وديمقراطية، وهناك الكثيرات اللاتي يلعبن دوراً حيويّاً في بناء مستقبل بلدانهن من خلال السعي إلى التطوير والتقدم والتغيير الذي يحقق الحقوق التي تنصف المرأة في أي بلد عربي. ولهذا بقيت المرأة تلعب دوراً رئيسيّاً إلى جانب الرجال في المطالبة بالتغيير الذي يحقق العدالة، وينصف حقوقهن المعطلة في كثير من المجتمعات العربية.
جريدة الوسط – العدد ٤١٩٧ – يوم الأربعاء الموافق ٥ مارس ٢٠١٤