المنامة – المحرر الاقتصادي
حافظت البحرين على مركزها في التنمية البشرية بحسب التقرير العالمي للعام 2013 الذي صدر حديثاً؛ إذ نالت المركز 48 من بين 140 دولة جرى تقييمها في التقرير وهو بعنوان «نهضة الجنوب: تقدّم بشري في عالم متنوع»؛ إذ يتناول التطوّرات الجيوسياسية ، ويبحث القضايا والاتجاهات المستجدّة، والجهات التي تعيد رسم ملامح التنمية في العالم.
وجاءت البحرين في المركز الثالث بين دول الخليج العربية الست؛ إذ حصلت قطر على المركز الأول بترتيب 36، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، 41، ثم الكويت، 54، والمملكة العربية السعودية، 57، في حين احتلت سلطنة عمان المرتبة الأخيرة بين دول المنطقة ونالت المركز الـ 84.
وقد تربّعت النرويج على رأس قائمة الدولة ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً وحصلت على المركز الأول، جاءت بعدها أستراليا في المركز الثاني، ثم الولايات المتحدة الأميركية في المركز الثالث.
ولاحظ التقرير أن أكثر من 40 بلداً من البلدان النامية حققت تحسناً فاق المتوقع في دليل التنمية البشرية بين عامي 1990 و 2012، بالمقارنة مع الدليل الأصلي الذي صدر في العام 1990.
وقال التقرير، إنه يتوقّع أن يبلغ مجموع إنتاج اقتصادات البرازيل والصين والهند 40 في المئة من الإنتاج العالمي بحلول العام 2050، بعد أن كان يشكّل 10 في المئة من الإنتاج العالمي في العام 1950.
وبيّن أنه إذ تتعالى من الجنوب أصوات تطالب بأطر للحكم الدولي تتأسس على مبادئ الديمقراطية والمساواة والتمثيل الشامل للجميع، يشهد العالم مزيداً من التنوع في الصوت وفي النفوذ يخالف المبادئ التي استرشد بها صانعو السياسات وبنيت عليها المؤسسات في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف «في خطوة مهمة أيضاً، تُعيد بلدان نامية كثيرة النظر في مفاهيم تحقيق التنمية البشرية. فنهضة الجنوب لم تكن نتيجة للتمسك بمجموعة جاهزة من وصفات السياسات العامة؛ بل نتيجة لوضع سياسات عملية انطلاقاً من الظروف والفرص المحلية، سياسات هي وليدة الاقتناع بضرورة تفعيل دور الدولة في التنمية، والإصرار على النهوض بالتنمية البشرية، ودعم التعليم والرعاية الاجتماعية، والانفتاح على التجارة والابتكار».
مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هان كلاك رأت، رأت أن التحوّل الذي حققه عدد كبير من البلدان النامية، بحيث أصبح لديها اقتصادات قوية، ونفوذ سياسي متزايد، هو تحوّل يحدث آثاراً بالغة على التقدّم في التنمية البشرية. ويشير التقرير إلى أن جميع البلدان حققت، على مدى العقد الماضي، إنجازات متسارعة في التعليم والصحة والدخل، بحسب مقاييس دليل التنمية البشرية. فلم يسجل أي بلد من البلدان التي تتوافر عنها بيانات قيمة لدليل التنمية البشرية في العام 2012 دون القيمة التي سجلها في العام 2000.
وسجّلت البلدان ذات التنمية البشرية المتدنية تقدّما سريعاً، أسهم في تحقيق تقارب في أرقام الدليل بين مختلف بلدان العالم، مع أنّ التقدّم كان متفاوتاً ضمن مناطق الدليل وفيما بينها.
ويتوقف التقرير عند البلدان التي حققت ارتفاعاً كبيراً في قيمة دليل التنمية البشرية بين عامي 1990 و 2012، في الدخل وفي عناصر التنمية البشرية غير المرتبطة بالدخل، ويتناول بالتحليل الاستراتيجيات التي أهّلت هذه البلدان لتحقيق هذا الأداء.
وبحسب التوقّعات التي يتضمنها هذا التقرير، سيتجاوز، بحلول العام 2020 مجموع الإنتاج لثلاثة بلدان نامية كبيرة، هي البرازيل والصين والهند، مجموع إنتاج ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية. والمصدر الرئيسي لهذا النمو هو الشراكات الجديدة في التجارة والتكنولوجيا، القائمة بين بلدان الجنوب.
ومن الرسائل الرئيسية التي يطلقها هذا التقرير وقبله التقارير السابقة للتنمية البشرية، أن النمو الاقتصادي وحده لا يحقق تقدّماً تلقائياً في التنمية البشرية. فالسياسات المناصرة للفقراء والاستثمارات في إمكانات الأفراد، بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة والتشغيل، هي التي تتيح للجميع إمكانات الحصول على العمل اللائق وتحقيق التقدّم الثابت.
ويقترح التقرير أربعة مجالات للاستمرار بزخم التقدّم الإنمائي، وهي المساواة بين الجنسين، وسماع صوت المواطنين وتمكينهم من المشاركة، ومنهم الشباب، ومواجهة الضغوط البيئية، ومعالجة التغيّرات الديمغرافية.
وفي ظل تحديّات عالمية تزداد تشعّباً وتتجاوز حدود البلدان، لا بدّ من تنسيق الإجراءات اللازمة لمواجهة التحديات الملحة الماثلة أمام عصرنا، من القضاء على الفقر، وتغيّر المناخ، والأمن والسام.
وبينما تزداد البلدان ترابطاً، عن طريق التجارة والهجرة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لم يعد من المستغرب أن يُحدث أيّ قرار يُتخذ في أيّ مكان آثاراً بالغة على أماكن أخرى.
والأزمات التي ألمّت بالعالم في الأعوام الماضية، أي أزمة المال وأزمة الغذاء وأزمة تغيّر المناخ، وأوقعت أضراراً بحياة الكثيرين، إنما هي تأكيد على واقع الترابط وضرورة العمل الجماعي من أجل تحصين الأفراد من تداعيات الصدمات والكوارث.
وللاستفادة من مخزون المعرفة والخبرة، ومن الفكر الإنمائي الذي تزخر به تجربة الجنوب، يقترح التقرير بناء مؤسسات جديدة تؤدي دوراً فاعلاً في التكامل الإقليمي وفي التعاون بين بلدان الجنوب. فالقوى الصاعدة في العالم النامي، هي لبلدان نامية أخرى مصدر سياسات اقتصادية واجتماعية مبتكرة وناجحة، كما هي جهات شريكة فاعلة في الاستثمار والتجارة والتعاون الإنمائي.
كما يتضمّن التقرير دعوة إلى مراجعة نقدية على مستوى مؤسسات الحكم العالمي، بهدف بناء عالم ملؤه المساواة والإنصاف. فالهياكل القديمة، لم تعد تواكب الواقع الاقتصادي والجيوسياسي الجديد، ولا بدّ من خيارات جديدة للشراكة في عصر جديدة.
ويطلق التقرير دعوة إلى المزيد من الشفافية والمحاسبة، ويشدّد على أهمية دور المجتمع المدني العالمي في مناصرة هذا الهدف، وإشراك أكثر الفئات تعرّضاً للتحديات العالمية في عملية اتخاذ القرار، وهم أشد الفئات فقراً وضعفاً في العالم.
http://www.alwasatnews.com/4075/news/read/824850/1.html
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4075 – الأحد 03 نوفمبر 2013م الموافق 29 ذي الحجة 1434هـ