سلمان سالم … نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق
مازالت وزارة التربية والتعليم تتعامل مع التربويين بأساليب غامضة بعيدة عن الشفافية والوضوح. وقد وجدناها قبل أكثر من عامين امتنعت عن إعطاء الحوافز بفئاتها المختلفة للمعلمين الذين ينتمون إلى مذهب واحد، بمبرراتٍ واهيةٍ ومخالفةٍ للقانون. وبعد مرور ثلاثة أعوام على الأزمة السياسية التي بدأت في 14 فبراير/ شباط 2011، مازالت تعطي توجيهاتها إلى إدارات المدارس بعدم ترشيح أحد من المعلمين من هذا المذهب، إلى حوافز فئة الثلاث رتب، دون أن تبين للإداريين المستند القانوني الذي اتخذت على أساسه قرار حرمانهم من استحقاقاتهم في الحوافز من الفئة التي ذكرناها.
وقد وجدنا أن كل قرارات هذه الوزارة في هذا الشأن تبلغها للإداريين شفهياً، سواءً بالهاتف أو عندما تلتقي بهم. والسؤال الذي يطرح في الأوساط التربوية: لماذا تبتعد الوزارة في أحايين كثيرة عن التعميم المكتوب؟ هل اتباعها لهذا الأسلوب حتى لا تترك أثراً للأخطاء القانونية والحقوقية والتربوية التي ترتكبها ضد المعلمين؟ ولكي لا تُدان قانونياً وتستطيع التنصل منها في أي وقت تشاء؟ وتراها في مثل هذه الحالات تحاول إيهام المعلمين الذين يطالبون باستحقاقاتهم المهنية والمادية في الحوافز، أن القرار صادر من ديوان الخدمة المدنية، وعند مراجعة المعلمين لديوان الخدمة ينفي إصدار مثل هذا القرار المجحف، ويقول لهم بكل وضوح أن مادة رقم (31) تتحدث بالنص الآتي: «يجوز منح الموظف البحريني المعين بصفة دائمة علاوة تشجيعية تعادل العلاوة الدورية السنوية المقررة وبما لا يتجاوز ثلاث رتب بحيث لا يجاوز بها نهاية مربوط درجته وذلك تقديراً للأداء ذي النوعية العالية الذي يجاوز مستوى الأداء المقرّر للوظيفة من حيث نوعية وكمية العمل والمعرفة الفنية والتخصصية والمهارات البدنية وبقية عناصر الأداء المرتبطة بالوظيفة بما في ذلك قواعد السلوك الوظيفي وذلك بالشروط التالية:
1) أن يكون الموظف حاصلاً عن العامين الآخرين على تقييم الأداء بمرتبة جيد جداً على الأقل.
2) ألا يمنح الموظف هذه العلاوة أكثر من مرة كل سنتين وبعد أقصى ثلاث مرات في الدرجة الواحدة.
3) لا يجوز منح هذه العلاوة للموظف الصادر بحقه جزاء تأديبي إلا بعد محو هذا الجزاء.
4) لا يجوز منح هذه العلاوة للموظف الموقوف عن العمل لمصلحة التحقيق، وتمنح هذه العلاوة بنسبة لا تتجاوز 10 في المئة من مجموع القوى العاملة في كل جهة حكومية في الأول من شهر يناير، ولا يمنع منحها من استحقاق العلاوة الدورية السنوية في موعدها (الجريدة الرسمية – العدد (3137) – الخميس 2 يناير 2014).
ذلك يعني أن وزارة التربية والتعليم التي قالت أن عدد موظفيها أكثر من 23 ألف موظف، يحق لها أن تتقدم لديوان الخدمة المدنية بأكثر من 2300 موظف لنيل الحوافز. هذا الأسلوب السلبي الذي تنتهجه الوزارة في الحوافز رغم وضوح القانون، يجعل المعلمين يضعون علامات استفهام كبيرة على تصرفاتها معهم، فماذا تفعل الوزارة في الحوافز التي يخصّصها الديوان لموظفيها في كل عام؟ ومن حقهم أن يسألوها: أين ذهبت أكثر من 6900 حافز خلال الأعوام الثلاثة الماضية؟ هل من المعقول أنها لم تستفد من هذا الاستحقاق الكبير أم أنها استفادت منه ولكنها قامت بتحويله بمزاجيةٍ طائفيةٍ إلى من تشاء؟ فلهذا من حق المعلمين أن يطالبوها بالإعلان عن أسماء الموظفين الحاصلين على الحوافز بمختلف أنواعها، خصوصاً ذات الثلاث رتب التي مازالت تُحرم فئة كبيرة من المعلمين من مذهب معين، من الاستفادة منها، ولا تحاول أن تقول أن إعلانها عن الحوافز يسبب حساسيات نفسية بين المعلمين، لأن هذا الكلام لا يصمد أمام الحقيقة. فالمعلم الحاصل على الحافز بجدارةٍ لا يستطيع أحدٌ الاعتراض عليه، ولكن من يحصل عليه من دون استحقاق هو الذي يُعترض عليه، ولأن الوزارة تخشى من كشف الحقيقة المرّة للمعلمين وللرأي العام، تراها تحرص على إخفاء هذه المسألة ولم تقبل البوح بها في أوساط المشتغلين في قطاع التعليم. وقد توصي إدارات المدارس بعدم التحدّث عنها بين المعلمين وكأنها تتعامل مع أناس غير واعين، وكأنها لا تعلم أن الأخبار في عصر التكنولوجيا لا يمكن التستر عليها أو طمسها، فهي تنتقل بين الناس كالنار في الهشيم في دقائق معدودة.
ونرى من واجبنا الوطني تجاه التعليم والمعلمين أن ننصح الوزارة بأن تتعامل مع التربويين بمختلف تخصصاتهم بشفافية ووضوح في كل ما يخصهم مهنياً ومادياً، ولا تحاول اللف والدوران عليهم إذا ما طالبوا باستحقاقاتهم المهنية والمادية. ونقول لها بكل صراحة أن أسلوبها الذي تتبعه مع المعلمين هو الذي أدى إلى تراجع التعليم وانعدام الثقة بينها وبين التربويين، وهم يقولون بصريح العبارة في ملتقياتهم أن الوزارة لو كانت مطمئنةً بأن ما تمارسه لا تشوبه شائبة قانونية أو حقوقية أو إنسانية ولو بنسبة معينة، لما احتاجت إلى استخدام مثل هذه الأساليب الغريبة والملتوية التي تضر بالتعليم.
إن منع شريحة كبيرة من المعلمين المستحقين للحوافز ذات الثلاث رتب تعليمية من الاستفادة منها، هو لا ريب بخسٌ لحقوقهم المهنية والمادية. ولا شك أن التاريخ لن يرحم من تعمّد حرمان من يستحقون الحوافز، وسيكتب للأجيال القادمة عن هذه المسألة بكل تداعياتها القانونية والمهنية والمادية والإنسانية، فذاكرة المعلمين لن تنسى الأضرار التي أصابتهم بسبب الإجراءات التي مارستها ضدهم من غير ذنب ارتكبوه سوى أنهم عبّروا عن آرائهم، وهو حقٌ كفله لهم الميثاق والدستور والعهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان.
ومشكلة الوزارة أنه كلما حاول المعلمون تناسي ما فعلته بهم، تقوم بتنفيذ إجراء آخر غير قانوني ضدهم، وكأنها تستأنس كثيراً بالتضييق على معلّميها الذين ينتمون إلى ذلك المكوّن المذهبي من أبناء هذا الوطن.
جريدة الوسط – العدد ٤١٧٦ – يوم الأربعاء الموافق ١٢ فبراير ٢٠١٤