البحرين: المشاورات تمثل نقطة بداية لحماية حقوق الإنسان وتعزيز أمن المنطقة
بقلم كاثي فاينجولد، مديرة قسم العلاقات الدولية بالإتحاد الأمريكي للعمال ومؤتمر المنظمات الصناعية
20 ديسمبر 2012 – أخيراً – وبعد مضي سبعة عشر شهرا منذ أن تسلمّت وزارة العمل الأمريكية الشكوى المقدمة اليها بشأن الممارسات التي تواصل حكومة البحرين تطبيقها، منتهكة بذلك بنود إتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، قامت الوزارة بتقديم نتائج تحقيقاتها في تقرير لها.
إن التقرير، والذي تم إصداره يوم أمس، هو جدير بالثناء وخاصة توصياته الداعية الى أجراء محادثات ثنائية بين الطرفين لتدارس الانتهاكات المتكررة لحقوق العمال. ومع هذا، فأن الضرر المترتّب عن كل ذلك التأخير كان باهظ الثمن وترك آثاره على كل من عمال البحرين، وعلى مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية كراعية لحقوق الإنسان، وأيضاعلى العمال في الدول الاخرى التي لها اتفاقيات تجارية مشتركة مع الولايات المتحدة. فأن لم تفي حكومة الولايات المتحدة بتعهداتها في التصدي لتلك الانتهاكات وتحميل حكومة البحرين المسؤولية عن خرق مضمون الفصل المتعلّق بحقوق العمال في اتفاقية التجارة، فكيف نتوقع أن يأخذ باقي الشركاء التجاريين هذا الامر على محمل الجد؟
لقد بدا جلياً أنه في الوقت الذي قام الإتحاد الامريكي للعمال ومؤتمر المنظمات الصناعية (AFL-CIO) بتقديم شكواه، كانت حكومة البحرين تخل بالتزاماتها المتعلقة بحماية العمال ضمن اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة. هذا وقد توصلت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى نتائج مشابهة تؤكد ذلك، موثقة حالات من التمييز والفصل التعسفي من العمل والإنتقام والتحقيق في مواقع العمل وغيرها من الانتهاكات. واليوم وبعد مضي أشهر إمتدت إلى مايربو عن عام من تقديم الشكوى، عكفت فيه حكومة الولايات المتحدة على اجراء التحقيقات وجمع المعلومات وتأجيل الإعلان عن نتائج التحقيقات، في ذات الوقت استمرت السلطات البحرينية في إضطهاد عمال البحرين وإرساء ممارسات تميزية والقيام – من خلال هيئات وسيطة – بدعم عملية إستهداف الناشطين النقابيين ونشطاء حقوق الإنسان وتشويه سمعتهم.
والآن، ينبغي على حكومة الولايات المتحدة أن تبذل جهدا حثيثا في محادثاتها الثنائية لمعالجة الإنتهاكات الصارخة التي تنتهجها البحرين ازاء الفصل المتعلّق بحقوق العمال في اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، بما في ذلك توجيه العقوبات الى المواطنين وهم في مواقع عملهم، لمشاركتهم السلمية في المسيرات الديمقراطية.
أن أي موقف بديل عن ذلك – عن طريق المشاركة الشكلية غير المجدية – سيرسخ الإعتقاد السائد في الشرق الأوسط بأن مصالح الولايات المتحدة وسياستها في المنطقة تغلب وبشكل كبيرعلى اهتمامها بحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية. وعلى الولايات المتحدة أن تؤكّد بأن حماية حقوق الانسان وحقوق العمال هو العنصر الأساسي في تعزيز الامن في البحرين وفي المنطقة ككل.
أن الحملة التي تشنّها حكومة البحرين لحل وتفكيك الحركة العمالية في البحرين هي دليل قاطع على أهمية دورالحركة في دعم حقوق العمال وحقوق الانسان في منطقة الخليج العربي. أن الإتحاد العام لنقابات عمال البحرين (GFBTU) ليس اتحاد قائم على أساس طائفي، وقد دعى الإتحاد دوما الى الحوار الإجتماعي، وأكّد على حق جميع البحرينين بأن يكونوا ممثلين في أروقة ومجالس الحكومة، و طالب بحقهم في التظاهر السلمي للتعبير عن آمالهم وتطلّعاتهم. أن النقابات المنضوية الى الاتحاد تعتبر نموذجا يحتذى به في المنطقة، والتي عادة ما تنكر حكوماتها حق النقابات بالوجود أصلا، أو تحاول السيطرة عليها. وبالفعل، في الوقت الذي لزمت فيه الولايات المتحدة جانب الصمت، قامت السلطات البحرينية بتأسيس اتحاد عمالي منافس و مسيطر عليه من قبل الحكومة، ولعل المفارقة أن تطلق عليه تسمية (BLUFF) (والتي تعني –الخداع – باللغة الإنكليزية.)
لقد وضع التقرير الصادر يوم أمس حكماً مبدأياً على الوضع السائد لعمال البحرين وبيان التحديات التي يواجهونها ، ولكن لن يكون بوسع الكلمات المجرّدة أن تمحو الضرر الذي قد تحقق. ويجب أن يعقب هذه المحادثات مواقف ملموسة وفعّالة.
أن الأمل بتحقيق المصالحة الوطنية إن وجد، سيبدأ على الأغلب في مواقع العمل حيث يتفاعل فيها في كل يوم أبناء الشعب بمختلف شرائحه. أن بإستطاعة حكومة الولايات المتحدة أن تساعد على إنهاء ممارسات الإضطهاد في البحرين وبنفس الوقت تيسير عملية المصالحة الوطنية والمساهمة في تضميد جراح المجتمع من خلال التأكيد بالكلمات والأفعال على أن حقوق الإنسان وحقوق العمال هي من الأولويات الفورية والملحّة.
أن الامور التي تهم الحركة العمالية في البحرين هي ذاتها التي تهم غيرها من الحركات العمالية حول العالم (بما فيها الولايات المتحدة). وأن الحركة العمالية تمكّن العمال من التنظيم وتثقيف أنفسهم والعمل الجماعي على تحسين أجورهم ومزاياهم في العمل والإرتقاء بظروف عملهم وزيادة إنتاجهم. وفي حال عدم تمتّع العمال بحرية التنظيم والتفاوض سيتشجع ارباب العمل ليس فقط على تقليل أجورهم، بل وحتى على ممارسة التمييز و المضايقات ضدهم بحرية مطلقة.
و من هنا تبرز أهمية فرض تطبيق اتفاقية التجارة تلك. أن التخلّي عن عمال البحرين سيؤدي الى المزيد من التردّي الأمني في البحرين، و سيشجع على المزيد من ممارسات القمع للعمال من قبل شركائنا التجاريين.