أنظمة وقوانين السلامة العمالية في العمل

تنص القاعدة العامة على أن جميع أوضاع العمل تنطوي على درجة ما من الخطورة، ومن ثم تستدعي الحاجة إلى رقابة مدى توفر سلامة العمل بشكل منتظم، وحتى الاعمال التي لا تتطلب سوى الجلوس بحاجة إلى الملاحظة المستمرة والتمرين على الاستجابة السلسة في حالة حدوث مخاطر كالحريق مثلاً أو ما قد يطرأ من أمور أخرى.

 إن التطور التقني الذي شهده العالم وما صاحبه من تطور الصناعات نتج عنه الكثير من المخاطر التي ينبغي على الإنسان إدراكها وأخذ الحذر والحيطة من الوقوع في مسبباتها. ولا نضع كامل اللوم هنا على التطور الصناعي فقد تلعب ظروف العامل الصحية والنفسية دوراً في زيادة المخاطر فمثلاً قلة الاهتمام أو الإهمال ولو للحظات قليلة قد تكون كافيه لحدوث الإصابة وجعل العامل يتألم لفترات طويلة وقد تؤدي إلى فقده أحد أعضائه أو حتى إلى الوفاة.

 وتدل الإحصائيات السنوية الصادرة عن المنظمات الدولية إن 110 ملايين عامل يتعرضون لإصابات مختلفة، و180 ألف إصابة منها تؤدي للوفاة، وبذلك يكون معدل الإصابات هي 4 إصابات عمل كل ثانية، وحادث خطير كل 3 دقائق. فأماكن العمل من ورش ومصانع ومختبرات تعتبر بيئات غير طبيعيه من حيث درجات الحرارة العالية والآلات الدوارة، والأجهزة الحساسة والتفاعلات السريعة، والمواد السامة وما إلى ذلك، وهي كذلك مجمع للغازات والسوائل والمواد الصلبة التي قد يكون البعض منها خطير للغاية. إن الصحة والسلامة المهنية مسؤولية كل فرد في موقع العمل ومرتبطة بعلاقة متعددة مع من حوله من الأشخاص والآلات والأدوات والمواد وطرق التشغيل وغيرها. فالسلامة المهنية لا تقل عن أهمية الإنتاج وجودته والتكاليف المتعلقة به، فقد أصبحت للسلامة أنظمة وقوانين يجب على العاملين معرفتها كما يجب على الإدارة تطبيقها وعدم السماح للعاملين بتجاوزها، و أن يكون هناك تدريب وإشراف صحيح للعاملين على هذه الأنظمة حتى يمكن تلافي العديد من مخاطر العمل التي تحدث للعمال في بيئات العمل المختلفة. السلامة المهنية وهي مجموعة من الإجراءات التي تؤدي لتوفير الحماية المهنية للعاملين والحد من خطر المعدات و الآلات على العمال والمنشأة ومحاولة منع وقوع الحوادث أو التقليل من حدوثها، وتوفير الجو المهني السليم الذي يساعد العمال على العمل. والهدف من السلامة المهنية هو الوصول إلى إنتاج من دون حوادث وإصابات وذلك بـحماية الأفراد من المخاطر، وإزالة الخطر من منطقة العمل ، تقليل الخطر إذا لم تتم إزالته، وتوفير معدات الوقاية الشخصية، ويأتي الترتيب حسب الأهمية فمن المفروض إزالة الخطر وإن لم نستطيع فالتقليل منه وعند بقاء بعض الآثار للخطر يتوجب استخدام معدات الوقاية الشخصية (مثل واقيات السمع لتجنب الضجيج – الكمامات المفلترة لتجنب الغازات)

 إن توفير الجو المهني السليم من حيث الإضاءة والرطوبة ودرجة الحرارة المريحة للعمل حتى ولو لم تكن هذه الأمور تتجاوز الحد الذي يمكن اعتباره خطر على العامل والمنشأة (فمثلاً درجة الحرارة التي ينصح بوجودها في مكان العمل هي 26 درجة)، كما ان حماية المنشأة بما في ذلك الآلات والمواد من المخاطر الممكن حدوثها كالصدم والحريق هي من الأولويات في السلامة المهنية. وتأتي نتائج العمل بنظام الصحة والسلامة المهنية مباشرة من خلال تعرف العامل على الخطر الكامن في العمل وسبل تلافيه يؤدي إلى تقليل إصابات العمل والأمراض المهنية للعمال، وندرة الحوادث والكوارث الناتجة عن العمل في المنشأة. أما النتائج غير المباشرة وهي بتقليل الإصابات والحوادث نحافظ على الأيدي العاملة الماهرة مما يؤدي لزيادة الإنتاجية وبالتالي فاقتصاد رابح، عند مقارنة المبلغ المصروف على السلامة المهنية في المنشأة مع المبلغ الممكن صرفه في حال حدوث الإصابات نجد أن معدل التوفير مرتفع، وتقليل الحوادث للآلات نصرف المبلغ الذي كنا سنصرفه على إصلاح الآلات المتضررة إلى شراء آلات جديدة وبالتالي تطوير المعمل. كما إن بناء منشأة نموذجية قد لا يكون سبباً في منع الحوادث لذا لا بد وجود لجنة تُعنى بمتطلبات الصحة والسلامة المهنية وتقوم بمراقبة التطبيق لما في ذلك الأثر الكبير للسيطرة على مخاطر العمل، وتتألف هذه اللجنة من مدير المنشأة أو نائبه رئيساً، مشرف السلامة المهنية في المنشأة عضواً ومقرراً للجنة، طبيب المنشأة، ممثل عن اللجنة النقابية أو ممثل عن العمال، ممثل عن الإدارة الفنية، رؤساء الأقسام.

 وتكون مهمتها وضع خطة متكاملة لتحقيق متطلبات الصحة والسلامة المهنية على صعيد المنشأة بعد تحديد مخاطر العمل الموجودة والمتوقعة وأساليب السيطرة عليها، ومتابعة تنفيذ هذه الخطة على أرض الواقع، وضع خطة توعية وتدريب للعمال وخاصة للعمال الحديثين لتعريفهم على مخاطر المهنة وسبل تلافيها، اجتماعات دورية لتقييم مرحلة العمل السابقة من خلال الجولات الدورية التي تقوم بها أو من خلال تقارير الجولات اليومية لمشرف الصحة والسلامة المهنية، اجتماعات طارئة في حال طلب مشرف الصحة والسلامة المهنية اجتماعها عند وجود حادث عمل جسيم أو أمر لا يحتمل التأجيل، دراسة إحصائيات إصابات العمل والأمراض المهنية الحاصلة ووضع الحلول المناسبة لتلافيها، وضع خطة للطوارئ والإخلاء في حال حدوث الكوارث (خطة إدارة الأزمات). مازالت بعض الشركات لا تلتزم بمعايير وشروط الصحة والسلامة المهنية التي أكد عليها قانون العمل الأهلي البحريني لسنة 2012 الباب الثامن، حيث زادت نسبة الحوادث العمالية في الفترة الأخيرة وذلك بسبب الطفرة التي حصلت في البلاد، وعمال المقاولات لهم النصيب الأكبر في هذه الحوادث ولكن هناك فئة من العمال حقوقهم ضائعة بين المؤسسة التابعين لها والشركة التي يعملون فيها وأقصد بذلك مقاولين عمال الباطن.

 http://www.albiladpress.com/article222277-1.html

جريدة البلاد – العدد  1859  السبت  16 نوفمبر 2013

 

Image Gallery