أفق .. نقابيةٌ غيرُ ديمقراطيةٍ

عبدالله خليفة
لم تقم النقابات والجمعيات المهنية على أسسٍ ديمقراطية، فيفترض أن لا يشارك أعضاء الإدارات والذين لا ينتسبون للمهنة إلى الجمعية أو النقابة، ولكن ذلك ما جرى وتحول لمسار غير جدير بالتجربة الديمقراطية الواعدة.
هذا جرى في إحدى الجمعيات كان يمكن أن تكون مثالاً ولكن هذه الجمعية لم تطبق أسس تكون بذور الجمعيات النقابية وضمت من لم يكن مهنياً ومن هو عضو في إدارة المؤسسة التي بيدها تحديد الأجور وظروف العاملين المادية والأدبية فيكف يكون العضو القيادي في الجمعية خصماً وحكماً في آن واحد؟
ولهذا تجمدت البذرةُ النقابية في مثل هذه الجمعية وغيرها من الجمعيات والنقابات التي خرقتْ أسسَ النقابية الديمقراطية المتعارف عليها!
كان الخوف من تحول مثل هذه الجمعيات والنقابات ضد الدولة الوطنية، خاصة أن بعض السياسيين والنقابيين لديهم ميول مغامرة وسياسية غير وطنية في الحقيقة ويخربون العمل النقابي والنضال الوطني معاً، لكن هذه المخاوف لا تبرر مثل هذه الأخطاء.
إن مثل هذه المخاوف غير المبررة قوّت في الواقع التطرف وألغت الخطوطَ الدقيقة بين النقابي الوطني والمغامر السياسي.
ولهذا ففي حين تتحول جمعيات ونقابات عديدة إلى قوى للشركات ولموظفيها الكبار تتظاهر إدارتُها بأنها تعمل على حماية الوحدة الوطنية ولكنها على العكس تصدع هذه الوحدة وتجعل من مصالح ذوي النفوذ حواجز لمنع التطور الديمقراطي والتكاتف الوطني داخل المؤسسات والشركات، فالاختلاف داخل هذه المؤسسات خلافات على الظروف المادية والمعاشية في الشركات وهو صراع ديمقراطي وطني يقوي اللحمة الشعبية ولا يحول التباينات الوظيفية والمشكلات إلى صراعات سياسية ضد النظام الوطني.
إن قيام موظفين بتصوير مصالحهم البيروقراطية كمصالح وطنية عامة قاد على العكس إلى تشجيع التطرف السياسي والنقابية غير الوطنية.
لقد ظهرت النقابيةُ المتطرفة، وألغت الحدودَ الدقيقة بين ما هو وطني وغير وطني، وقادت لضرب العناصر الديمقراطية النقابية الجنينية التي تنامت في مرحلة الاستقلال وحولت أي نزاع في المصانع والشركات إلى صراع سياسي على الحكم وجرّت الناسَ لمعارك خطيرة مدمرة.
إن النقابية الوطنية تعمل داخل المؤسسات لتغيير الظروف السيئة والسلبية التي يعيشها العاملون، وهي جمعيات نقابية ذات ظلال سياسية كذلك، فلا توجد نقابات بلا تسييس ولكنه تسييس في إطار تقوية النظام وليس للتآمر عليه، تسييس لاستكمال مشروع الدولة البحرينية الديمقراطية وليس للتآمر عليها أو العمل لمصالح دول أخرى.
ظهور الوجهين النقابيين الإصلاحي الزائف والنقابية الصفراء من جهة والنقابية الفوضوية العميلة من جهة أخرى، هما وجهان لطفولية النقابية المبكرة لدينا، وغياب النقابية الوطنية الديمقراطية يتطلب تجربة عمالية عميقة وثقافة ديمقراطية متأصلة.
إن تصاعد الوطنية البحرينية في كافة المسارات السياسية والاجتماعية ورفدها بالعمق الفكري كفيل بخلق هذه الجدلية النقابية بين الاهتمام بمصالح العاملين وفئاتهم المختلفة وحماية الدولة والوطن من التآمر والمغامرات الوخيمة.
جريدة اخبار الخليج  – العدد  ١٣١٠٣  –  يوم الخميس الموافق  ٦ فبراير  ٢٠١٤
افق

Image Gallery