زوبعة رفع التحفظات

زينب الدرازي

في العام 2002 صدر مرسوم رقم 5 الذي ينص على موافقة مملكة البحرين على الانضمام لمعاهدة “مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة – السيداو” بعد نضال طويل خاضته المرأة البحرينية. فالاتفاقية تمثل افضل قانون اممي متقدم لصالح المرأة حيث تختزن الاتفاقية جميع المؤتمرات والقوانين والعهود الدولية السابقة التي اقرتها الامم المتحدة لصالح حقوق المرأة.
واتفاقية السيداو كغيرها من الاتفاقيات، سمحت للدول الاعضاء بإبداء التحفظات على بعض نصوصها في حالات معينة ومحددة. ويقصد بالتحفظ: “أي إجراء قانوني تلجأ اليه الدول المشتركة في المعاهدة بإبداء الرغبة في عدم تنفيذ بعض نصوصها”. وقامت مملكة البحرين بالتحفظ على بعض مواد الاتفاقية “المواد (2) و(15 فقرة 4) و(16) و(29 فقرة 1) عند توقيع الاتفاقية حيث رأت أن هذه المواد لا تتفق وقوانينها السيادية ومع احكام الشريعة الإسلامية.
وطالبت لجنة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة التابعة للأمم المتحدة حكومة البحرين في توصياتها، بعد مناقشة تقريري البحرين الأول والثاني في العام 2008م وفي الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، بأن التحفظ على المواد خصوصا المادة الثانية يؤثر سلبا على تمتع المرأة بحقوقها، وعليه ابدت البحرين نيتها سحب تحفظها على المواد “2، 9/2، 15/4، و16، 29”.
وكان لدى الدولة الوقت الكافي منذ 2008 الى 11 فبراير 2014 الموعد الذي تمت فيه مناقشة التقرير الثالث لمملكة البحرين، وفيه تم تقديم التقرير دون أي تغيير على التحفظات بل ان رد الحكومة في التقرير جاء كالتالي: “إن تحفُّظات البحرين على المواد التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لا تنال من جوهر مبدأ المساواة المنصوص عليه في الاتفاقية، وهذه التحفُّظات محصورة أساساً في المسائل التي تمس الأحوال الشخصية والأسرة فقط، ولا تؤثر سلباً بأي حال من الأحوال على المساواة بين المرأة والرجل أمام القانون”.
و لعل سبب الحديث عن رفع التحفظات وموقف الحكومة منه في التقرير الثالث هو ما دار في الصحافة المحلية من نية الحكومة رفع جميع المواد المتحفظ عليها، قبل تقديم التقرير. وهو ما اثار اهتمام القطاع النسائي في منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية. فقد رحب المجلس الأعلى للمرأة بقرار مجلس الوزراء “الأحد 19 يناير 2014” بإعادة صياغة ورفع تحفظات مملكة البحرين بما لا يخالف الشريعة الاسلامية. وقرار المجلس باتخاذ الاجراءات الدستورية والقانونية في هذا الجانب. كما صرحت النائبة سوسن تقوي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بجريدة الوطن في عددها 2977 الاثنين 3 فبراير 2014، بأن رفع التحفظات عن أية بنود باتفاقية السيداو لن يخل بأحكام الشريعة الاسلامية، ورفع التحفظات يعبر عن رؤية مشتركة بين السلطة التنفيذية وأعضاء السلطة التشريعية كما انه مطلب قديم للجمعيات النسائية والحقوقية.
كما صرحت في 19 يناير وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، حول مشروع قانون بتعديل بعض بنود السيداو المتحفظ عليها، أقره مجلس الوزراء مع مراعاة التوافق مع الدستور بما لا يخالف الشريعة الاسلامية. وعقب كل هذه التصريحات برفع التحفظات، تم التصريح برفع الموضوع الى مجلس النواب للموافقة عليه.
وحيث إن المادة 37 من دستور البحرين قسمت المعاهدات الى قسمين، الاول المعاهدات والاتفاقيات التي يكفي لإقرارها صدور مرسوم من جلالة الملك بشرط إعلام المجلس الوطني. والقسم الثاني معاهدات يتطلب اقرارها ان توافق عليها السلطة التشريعية ولا تكون نافذة إلا بقانون. وحيث إن اتفاقية السيداو تقع تحت القسم الثاني فإن موافقة المجلس التشريعي شرط لازم ولكن موافقته لا يمكن ان تكون نافذة بدون نص قانوني. وهناك أهمية صدور نص قانوني من مجلس الوزراء يعرض على المجلس التشريعي لإقراره حتى يمكن اقرار رفع التحفظات هذا اذا كانت هناك نية لرفعها.
جريدة البلاد  – العدد  ١٩٥٠ –  يوم السبت الموافق  ١٥ فبراير  ٢٠١٤
زينب

Image Gallery